المستقيمة، ويرده العقلاء.
فإذا دار الأمر بينه وبين حمل الأمر بالوفاء على الإرشاد إلى اللزوم - بأن يقال: كأنه قال: «أوف بالعقد; لأنه لا ينهدم بالفسخ، والتخلف غير ممكن عندي» نحو قوله: «لا تصل في وبر غير المأكول» أو «في الدار المغصوبة»، إرشادا إلى عدم صحتها، وعدم إمكان إيجادها - فالترجيح للثاني.
إن قلت: يمكن أن يجعل الأمر بالوفاء إرشادا إلى الجواز; فإن وجوب الوفاء وحرمة نقض العقد لا تعقل إلا بأن يكون العقد جائزا.
قلت: هذا أشبه شئ بالأحجية ولا يقبله العقلاء; ضرورة أن بيان جواز العقود - أو جعله بلسان إيجاب الوفاء بها - من أقبح الكنايات وأفحش الأحاجي، ولا يصدر من متعارف الناس.
مضافا إلى أن الإرشاد إلى الجواز لا يصح هاهنا; لأن الجواز لازم التحريم المولوي، ومع عدمه لا يصح الإرشاد إلى الجواز، ومع سوق الكلام للحرمة المولوية لا يمكن أن يكون إرشادا إلى الجواز; لأن الجمع بين الإرشاد والتحريم المولوي بكلام واحد كأنه غير ممكن، ولو أمكن لا يحمل الكلام عليه إلا مع قيام القرينة.
مع أنه لا يدفع به الإشكال المتقدم; أي جعل غير المقدور مقدورا، وجعل الحرمة له، ولا فرق في استبعاده وعدم قبول الأذهان له بين كونهما في كلام واحد، أو كلام متعدد.
وبالجملة: إن الإرشاد إلى الجواز لا يمكن إلا مع كون الوجوب مولويا، والجمع بين الإرشادية الطريقية، والمولوية النفسية، لعله غير جائز، ولو جاز لا يخرج الجعل عن القبح العقلائي.