من تلك إلا أخبار بما ادعاه من التعدي والتفريط، بل هي ظاهرة الدلالة في المدعى وما ادعاه من الحمل على تأخير المتاع أبعد، إذ لا اشعار في شئ منها بذلك، بل هي ظاهرة في أن الضمان إنما هو من حيث التلف، وإن كان لا عن تعد ولا تفريط والوجه في الجمع إنما هو ما قلناه، لتكاثر الأخبار به كما عرفت.
واستند في المسالك حيث اختار القول المشهور إلى أصالة البراءة ولأنهم أمناء فلا يضمنون بدون التفريط، قال: وفي كثير من الأخبار دلالة عليه، وفيه أن الأصل يجب الخروج عنه بالدليل، وقد عرفته مما ذكرناه من الأخبار الساطعة في ذلك على وجه لا تقبل الانكار إلا من حيث قصور التتبع لها، كما لا يخفى على من جاس خلال الديار، وأما ما ذكره من أنهم أمناء فلا يضمنون إلا مع التفريط، فهو وإن كان كذلك في جملة من المواضع، إلا أنه من الجائز خروج هذا الحكم من تلك المواضع، لأن الإجارة على هذا الوجه نوع معاوضة، فيجب ايصال كل عوض إلى مستحقه أو بدله، إلا أن يعلم بأحد الوجهين المتقدمين تلفه بغير تفريط ولا تعد، ولهذا إن أخبار هذه المسألة على كثرتها وتعددها كما عرفت خالية عن ذلك، فإنها على تعددها واستفاضتها وصحتها وضم بعضها إلى بعض صريحة في الضمان إلا مع كون الأجير ثقة مأمونا غير متهم كما عرفت، ولا اشعار في شئ منها، فضلا عن الظهور بكون الضمان مستندا إلى التفريط أو التعدي، وإنما رتب فيها على مجرد التلف، ولكنهم لعدم التتبع التام للأخبار يقعون فيما يقعون فيه، والحكم كما ذكرنا واضح بحمد الله سبحانه.
ثم إن الظاهر أن ما دل عليه صحيح الحلبي ومرسل الفقيه من التفضل والتطوع بعدم الضمان، ينبغي حمله على ذينك الإمامين (عليهما السلام) بمعنى أنه إذا وقع ذلك في مالهما لا يضمنون العامل جمعا بين الأخبار، لما عرفت من قول أمير المؤمنين والرضا (عليهما السلام) " لا يصلح الناس إلا أن يضمنوا احتياطا على أموال الناس، " بمعنى أن الحكم الشرعي تضمينهم، فإنهم متى عرفوا ذلك احتاطوا في