مما تقدم، فإن تصرف المولى بالإجارة في تلك المنافع لا ريب في صحته، وعدم ترتب ضمان عليه في ذلك واستحقاق المستأجر لتلك المنافع مما لا ريب فيه أيضا، والعتق إنما صادف إزالة الرق عن الرقبة مسلوبة المنافع تلك المدة، فقول القائل المذكور أن الرق يقتضي ملك العبد لمنفعته إنما يتم، فيما إذا صادف العتق إزالة الرق من الرقبة ومنافعها، لا فيما نحن فيه، ولهذا لو أعتقه وشرط عليه خدمته مدة معينة صح ذلك، كما أن المنفعة هنا لا يقتضي العتق ملك العبد لها لمكان الشرط، كذلك فيما نحن فيه للسبق، فإن المالك قد آجرها سابقا وهذه الصورة أولى بعدم مطالبة العبد من صورة الشرط.
وبالجملة فإن ضعف القول المذكور أظهر من أن يخفى، ومن المحتمل قريبا أن هذا القول إنما هو للعامة كما هو مؤمي عبارة المبسوط، فإنه لم ينسب إلى أحد من أصحابنا صريحا، والظاهر أن الأصحاب إنما نقلوا الخلاف من هذه العبارة، بقي الكلام هنا في شئ آخر أيضا وهو نفقة العبد في مدة الإجارة.
قال في المسالك بعد البحث في الحكم المتقدم: إذا تقرر ذلك فنفقة تلك المدة إذا لم تكن مشروطة على المستأجر، هل يجب على مولاه، أو في كسبه، أو في بيت المال إن كان؟ أوجه: من انتفائها من العبد، لاستغراق وقته في الخدمة، وعن المستأجر لانتفاء الشرط، فلم يبق لها محل إلا السيد، ولأنه ملك عوض المنفعة تلك المدة، ومن انتفاء المقتضي، للانفاق، وهو الملك، وقد زال ومن أن النفقة مقدمة على حق كل أحد كما في المديون والمعسر، فيخرج من الكسب مقدمة على حق المستأجر، والأقوى الأخير لزوال ملك السيد وعجزه عن نفسه، ولبطلان الحصر وعدم استلزام تملك عوض منفعة تلك المدة النفقة، وإنما تقدم النفقة على حق الغير من مال المكتسب، وبيت المال معد للمصالح، وهو من جملتها، ومع تعذره فهو من الواجبات الكفائية على ساير المكلفين، انتهى.
أقول: قد تقدم نقل الخلاف في نفقة الدابة إذا آجرها المالك هل هي على