ويقسط ما قابل المتخلف، وكأن مراد الشيخ ذلك، انتهى.
السادسة والعشرون: قد صرح الأصحاب بأنه لا يضمن صاحب الحمام إلا ما أودع وتعدى أو فرط فيه، وهو كذلك، أما أنه لا يضمن بغير الايداع فظاهر، لأن الأصل براءة الذمة من وجوب حفظ مال الغير مع عدم الالتزام به حتى لو نزع المغتسل ثيابه، وقال احفظها ولم يقبل لم يجب عليه الحفظ، وأما أنه مع الايداع لا يضمن إلا بالتفريط أو التعدي، فلأنه أمين محض، وقد تقدم تحقيق القول فيه في كتاب الوديعة، ويدل على ذلك أيضا ما رواه المشايخ الثلاثة مرسلا (1) في بعض عن الباقر عن أمير المؤمنين (عليهما السلام)، ومسندا في بعض عن غياث بن إبراهيم (2) " عن أبي عبد الله عن أبيه (عليهما السلام) أن أمير المؤمنين (عليه السلام) أتى بصاحب حمام وضعت عنده الثياب فضاعت فلم يضمنه، وقال: إنما هو أمين " قال بعض مشايخنا المحدثين من متأخري المتأخرين لعل المعنى أنه يحفظهما بمحض الأمانة، وليس ممن يعمل فيها أو يأخذ أجرة على حفظها، فهو محسن لا سبيل عليه، ويمكن أن يقال: خصوص هذا الشخص كان أمينا غير متهم، فلذا لم يضمنه، والأول أظهر انتهى.
أقول: بل الظاهر أن الثاني أظهر إذ مجرد وضع الثياب عنده من غير أن يظهر منه ما يدل على قبول إئتمانها لا يدل على كونه أمينا يترتب عليه ما يترتب على ساير الأمناء من عدم الضمان إلا مع التفريط، وقد تقدم ذلك في كتاب الوديعة.
وما رواه في التهذيب عن السكوني (3) عن جعفر عن أبيه (عليهما السلام) أن عليا (عليه السلام) كان يقول لا ضمان على صاحب الحمام فيما ذهب من الثياب، لأنه إنما أخذ الجعل على الحمام، ولم يأخذ على الثياب ".