قبل ادراكه وإن دفع الأرش، لأن له وقتا ينتهي إليه، واقتفاه ابن إدريس في ذلك.
والأقرب بناء على قواعدهم في الباب من حيث إن الإعارة من العقود الجائزة هو جواز الرجوع مطلقا، إلا ما قام الدليل على خروجه، ولا دليل هنا وحديث (1) " الضرر والضرار " لازم من الطرفين، فلا يمكن الترجيح به، فيجب الرجوع إلى الأصل من تسلط الناس على أموالهم، مع أنه يمكن الجمع بين الحقين، واندفاع الضرر من الجانبين ببذل الأرش من المعير.
والمراد بالأرش على ما قالوا: تفاوت ما بين كونه منزوعا من الأرض وثابتا فيها، قال في التذكرة: ولكنه مخير بين أن يقلعه ويضمن الأرش، وهو قدر التفاوت بين قيمته مثبتا ومقلوعا إلى آخر كلامه، وهل المراد بكونه ثابتا في تلك الأرض في صور ة تقويمه كذلك هو ثبوته مجانا أو بأجرة.
قال في المسالك: كلام الشيخ في المبسوط صريح في الأول، وهو الظاهر من كلام المصنف والجماعة، مع احتمال اعتبار الثاني، وإلى هذا الاحتمال مال (رحمه الله)، ونقله عن التذكرة في غير هذا الموضع كما يأتي في كلامه.
وعلل الأول بأن وضعه في الأرض لما كان صادرا عن إذن المالك تبرعا اقتضى ذلك بقاؤه تبرعا كذلك، وإنما صير إلى جواز القلع بالأرش جمعا بين الحقين، فيقوم ثابتا بغير أجرة مراعاة لحق المستعير، ويقلع مراعاة لحق المعير.
وعلل الثاني بأن جواز الرجوع في العارية لا معنى له إلا أن تكون منفعة الأرض ملكا لصاحبها، لا حق لغيره فيها، وحينئذ فلا يستحق الابقاء فيها إلا برضاه بالأجرة، وحق المستعير يجبر بالأرش، كما أن حق المعير يجبر بالقلع، وبأخذ الأجرة لو اتفقا على ابقائه بها، قال: وهذا هو الأقوى، واختاره في التذكرة في غير محله استطرادا.