وأما لو كان عالما بالغصب فإنه يكون ضامنا، ولا رجوع له على الغاصب، وللغاصب الرجوع عليه إذا أغرمها المالك.
وبالجملة فالمستعير هنا غاصب كالذي أعاره، ومن حكم ترتب الأيدي على المغصوب تخير المالك في الرجوع على أيهما شاء، يستقر الضمان على من تلفت العين في يده، والله سبحانه العالم.
الفصل الثالث في العين المعارة.
وفيه أيضا مسائل: الأولى: الضابط في المستعار عند الأصحاب هو أن يكون مما يصح الانتفاع به مع بقاء عينه، وهو يتضمن شيئين بقاء العين مع الانتفاع، وجواز ذلك الانتفاع، فكلما يجوز الانتفاع به مع بقاء عينه، يصح إعارته، كالعقارات والدواب، والثياب، والأقمشة، والأمتعة، والصفر والحلي، وكلب الصيد والماشية، والفحل، وجميع أصناف الحيوانات المنتفع بها كالآدمي والبهائم ونحو ذلك.
وفي الصحيح عن محمد بن قيس (1) عن أبي جعفر (عليه السلام) " قال: قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في رجل أعار جارية فهلكت من عنده ولم يبغها غائلة فقضى: أن لا يغرمها المعار " الحديث.
وفي رواية وهب (2) عن جعفر عن أبيه (عليهما السلام) " أن عليا (عليه السلام) قال: من استعار عبدا مملوكا لقوم فعيب فهو ضامن، ومن استعار حرا صغيرا فعيب فهو ضامن ".
وحمل الضمان هنا على الاستعار من غير المالك أو التفريط والتعدي أو اشتراط الضمان. لما علم من عدم ضمان العارية إلا مع الوجوه المذكورة.
فأما ما لا يتم الانتفاع به إلا باتلاف عينه كالا طعمة والأشربة، فإنه لا يجوز