بل يكفي ما يقوم مقام ذلك من الأمور الدالة على الظن بالرضا، قال: لأنه عقد ضعيف، لأنه يثمر إباحة الانتفاع، وهي تحصل بغير عقد كما لو حسن ظنه بصديقه كفى في الانتفاع به عن العقد، وكما في الضعيف بخلاف العقود اللازمة، فإنها موقوفة على ألفاظ خاصة اعتبرها الشرع.
ثم قال في مسألة أخرى: والأقرب عندي أنه لا يفتقر العارية إلى لفظ، بل يكفي قرينة الإذن بالانتفاع من غير لفظ دال على الإعارة واستعارة، لا من طرف المعير ولا من طرف المستعير، كما لو رآه عاريا فدفع إليه قميصا فلبسه تثبت العارية، وكذا لو فرش لضيفه فراشا أو بساطا أو مصلى أو حصيرا أو ألقى إليه وسادة، فجلس عليها أو مخدة فاتكأ عليها كان ذلك إعارة، بخلاف ما لو دخل فجلس على الفرش المبسوطة، ولأنه لم يقصد بها انتفاع شخص بعينه، وهو قول بعض الشافعية قضاء بالظاهر، وقد قال (عليه السلام): " نحن نقضي بالظاهر " (1)، ثم نقل عن بعض الشافعية الافتقار إلى اللفظ، وقال: والأقرب ما تقدم، وقد جرت العادة بالانتفاع بظرف الهدية المبعوث إليه واستعماله، كأكل الطعام من القصعة المبعوث فيها، فإنه يكون عارية، لأنه منتفع بملك الغير بإذنه، وإن لم يوجد لفظ يدل عليها بل بشاهد الحال، انتهى.
وهو جيد وجيه إلا أن فيه عدولا عن مقتضى ما قدمنا نقله عنه أولا، وهو الذي يقتضيه كلام غيره أيضا.
وبالجملة فالظاهر هو ترتب ذلك على الرضا كيف اتفق من المعير والمستعير ولا دليل على ما زاد على ذلك.
الرابعة: إنهم قالوا - بناء على كونه عقدا كما تقدم نقله عنهم -: إنه من العقود الجائزة التي لكل من المتعاقدين فسخه متى شاء.