تلفها قبل الموت بغير تفريط، أو ردها إلى المالك، والأصل براءة ذمته من الضمان، وكون التلف على خلاف الأصل معارض بهذا الأصل، وليسا متنافيين حتى يقال: أنهما تعارضا فتساقطا، إذ لا يلزم من بقاءها وعدم تلفها تعلقها بالذمة ليلزم الضمان كما ادعوه.
قال - شيخنا الشهيد (رحمه الله) في شرح نكت الإرشاد بعد قول المصنف (ولو مات ولم يوجد أخذت من التركة على الشكال) -: ما لفظه منشأه النظر إلى أصالة براءة الذمة من الضمان، فينزل على تلفها بغير تفريط، إذ الأصل عدمه، والالتفات إلى قوله (1) (صلى الله عليه وآله) " على اليد ما أخذت "، ولا صالة عدم التلف بها، انتهى.
وأنت خبير بأنه بالنظر إلى الجحود على أمثال هذه التعليلات هو عدم الضمان، لأن الوديعة من حيث هي لا تعلق لها بالذمة إلا من حيث أسباب التعدي أو التفريط المتقدمة، والمفروض أنه لا شئ منها، وغاية ما يجب على الودعي الحفظ لها خاصة، ومجرد عدم وجودها بينها بعد الموت لا يستلزم تفريطا ولا تعديا ليحصل به الضمان، فأصالة عدم الضمان ظاهرة، وإن فرض احتمال بقاءها واحتمال الرد إلى المالك، والتلف بغير تفريط قائم في العين، وحديث (2) " على اليد ما أخذت " يمكن تخصيصه بالأمانات، بمعنى خروج الأمانات من عمومه، وليس هنا ما يوجب الخروج عن كونها أمانة من تفريط أو تعد يوجب الضمان والتعلق بالذمة، حتى يقال: إن عليها ما أخذت.
وبه يظهر وجه ما استظهرناه، ومن ثم قال في المسالك - بعد الكلام في المسألة - والأقوى أنه إن علم بقاء عينها إلى ما بعد الموت ولم تتميز قدم مالكها على الغرماء، وكان بمنزلة الشريك، وإن علم تلفها بتفريط فهو أسوة الغرماء وإلا فلا ضمان أصلا، لا صالة براءة الذمة، وأصالة بقائها إلى الآن لو سلمت لا تقتضي