لو أعاد ما أخذه إلى موضعه أو أعاد بدله، فأما على الأول فإن ظاهر هم بقاء الضمان، وأنه لا يزول بإعادته لأن يده عليه صارت يد خيانة، لا يخرج عنها إلا بما تقدم من ايداع المالك له مرة ثانية، كما في كل تفريط وتعد، وسيأتي تحقيقه إن شاء الله.
ولا فرق في ذلك بين أن يمزجه بغير المضمون مزجا لا يتميز عنه، أم لا، لأن الجميع مال المالك، غايته أنه قد صار بعضه مضمونا وبعضه غير مضمون، وأن هذا الاختلاط كان حاصلا قبل الأخذ.
قال في التذكرة - بعد فرض المسألة في ايداع كيس فيه عشر دراهم - وإن لم يكن الكيس مشدودا ولا مختوما فأخرج منه درهم لنفسه ضمنه خاصة، لأنه لم يتعد في غيره، فإن رده لم يزل عنه الضمان، فإن لم يختلط بالباقي لم يضمن الباقي، لأنه لم يتصرف فيه، وكذا إن اختلط وكان متميزا لم يلتبس بغيره وإن امتزج بالباقي مزجا يرتفع معه الامتياز فالوجه أنه كذلك لا يضمن الباقي، بل الدرهم خاصة، لأن هذا المزج كان حاصلا قبل الأخذ وهو أصح قولي الشافعية والثاني عليه ضمان الباقي لخلطه المضمون بغير المضمون، فعلى ما اخترناه لو تلفت العشرة لم يلزمه إلا درهم واحد ولو تلف منها خمسة لم يلزمه إلا نصف درهم، انتهى.
وأما على الثاني فإنه لا يبرئ أيضا بإعادة البدل، فإنه إذا كان الضمان باقيا بإعادة ما أخذه ففي بدله بطريق أولى، لأنه لم يتعين ملكا للمالك، إذ لا يحصل الملك إلا بقبضه أو قبض وكيله والمستودع ليس وكيلا في تعيين العوض، وإنما هو وكيل في الحفظ، وحينئذ فلا يخلو إما أن يكون المردود متميزا عن الباقي بحيث لم يخلط به، أو كان فيه علامة من سكة أ غيرها توجب الامتياز فإنه لا يضمن سواء ذلك، ولا يضمن الباقي، أو لا يكون متميزا بل مزجه بتلك الدراهم مزجا لا يتميز منها، فإن ظاهر هم وجوب ضمان الجميع، لما تقدم من أن مزج الوديعة بماله من موجبات الضمان للجميع والله العالم.