ووجه الثالث الجمع بين الحقين، وأورد عليه بأنه يشكل فيما لو كان التأخير بتقصير الزارع.
وبالأول صرح المحقق في الشرايع، واختاره في المسالك، قال: وما اختاره المصنف أقوى، لزوال حق الزارع بانقضاء المدة، فلا أرش له ولا استحقاق وهو جيد لو ثبت دليل على اعتبار المدة.
ويا لله والعجب أنه إذا كان الغرض من المزارعة إنما هو الحاصل من الزرع والانتفاع به، فلو فرضنا أن مالك الأرض هو صاحب القسط الأعظم من الحاصل وصاحب الحصة إنما هو العلج مثلا وانقضت المدة قبل الادراك كما فرضوه فكيف يقدم المالك على ضرر نفسه بقلع الزرع، ويتصور النزاع بينه وبين العلج في ذلك، ويترتب عليه هذا الخلاف، وأين هذا من ذلك الغرض الباعث على المزارعة وخسران ما صرفوه من بذر وعوامل وعمل ونحو ذلك، وهل يتصور في عقل عاقل القدوم على مثل ذلك والحال كما عرفت.
وكيف كان فإن البناء على هذه التعليلات التي ذكروها لكل من هذه الأقوال بمحل من الاشكال، لما عرفت في غير مقام مما تقدم، والمسألة غير خالية من الاشكال والالتباس، خصوصا لما عرفت من عدم البناء فيها على أساس.
نعم لو جعل هذا الخلاف بعد ادراك الغلة لكان أقرب إلى الصواب وعلى تقديره فالأظهر هو القول الأول من الأقوال المتقدمة، قيل: وعلى تقدير القول الأول فينبغي أولا تكليف المزارع بالإزالة، وإلا فرفع الأمر إلى الحاكم ثم بعد تعذره مباشرة المالك بنفسه.
واختار في القواعد أن للمالك الإزالة مع الأرش، أو التبقية بأجرة للمالك، وحينئذ يصير هذا قولا رابعا في المسألة وأورد عليه بأنه يلزم منه ايجاب عوض في ذمة المزارع بدون رضاه، وذلك غير معقول.
ثم إنه على تقدير جواز القلع بأرش أولا به، فالمقلوع مشترك بينهما بناء