الماء ماء يعتاد سقيها به، أعم من أن يكون من الله تعالى أو من جهة العمال فيها، بحفر السواقي والأنهار، والضابط إمكان الانتفاع بها في الزراعة، فلو لم يكن كذلك بطلت المزارعة.
والكلام هنا يقع في مواضع: الأول - قال العلامة في القواعد بعد ذكر الشرط المذكور: ولو زارعها أو آجرها له ولا ماء لها تخير العامل مع الجهالة لا مع العلم، لكن في الأجرة يثبت المسمى، وهو ظاهر في صحة المزارعة مع علمه بعدم الماء، وأما مع الجهل فيتخير بين الرضا بالعقد وفسخه، ومرجعه إلى اللزوم مع العلم وعدم اللزوم مع الجهل، دون البطلان في شئ من الموضعين، ففي صورة العلم لا خيار له حيث أقدم على ذلك، بخلاف صورة الجهل، فيكون له الخيار، ويأتي بناء على ما قدمناه من البطلان في الموضعين لفوات الشرط الذي هو إمكان الانتفاع، وهو الأقوى بالنظر إلى قواعدهم.
وربما حمل كلام العلامة هنا على أنه متى أمكن الانتفاع بتلك الأرض في غير المزارعة التي تحتاج إلى الماء، فإنه يجوز أن يزرع ما لا يحتاج إلى الماء فعدم الماء لا يستلزم عدم إمكان الانتفاع، مع القول باشتراط إمكان الانتفاع بغير الزرع إذا تعذر، ولا يخفى تعسفه، فإن الظاهر من الأخبار وكلام الأصحاب من غير خلاف يعرف أن المزارعة المبحوث عنه في هذا المقام إنما هي عبارة عن زرع ما يتوقف على الماء من حنطة وشعير وأرز ونحوها من الحبوب، على أنا لا نعرف هنا زرعا يقوم بغير الماء بالكلية.
وربما حمل كلامه أيضا على أن المراد لا ماء لها غالبا، لا أنه لا ماء لها أصلا ويؤيده تصريحه بذلك في التذكرة حيث نقل عنه فيها التردد فيما لو كان لها ماء نادرا هل يصح المزارعة عليها أم لا، ومنشأ التردد من عدم التمكن من ايقاع ما وقع عليه العقد بالنظر إلى الغالب، ومن إمكان الزرع ولو نادرا، وهو وإن كان أقل تعسفا من الأول، إلا أن الظاهر ضعف المبنى عليه، وإن تردد