من كونه بعد المدة غير ظالم، لأنه واضع عرقه في أرض لا حق له فيها، والزام المالك بأخذ الأجرة على الابقاء، أو تكليفه بالأرش على خلاف الأصل، فلا يصار إليه بمثل ذلك انتهى.
وقال المحقق الأردبيلي بعد نقل القول الأول عن المحقق، والثاني عن الشهيد الثاني " وهو غير بعيد " يعني القول الثاني ثم نقل كلام فخر المحققين ودعواه الاجماع على العمل بمفهوم الوصف في الخبر المذكور ما لفظه، وكان هذا الحديث ثابت عند الكل، وهو موجود في التهذيب بسند غير صحيح في باب المزارعة فهو دليل على الأول، لعل منشأ اعتبار المفهوم هنا هو ما ثبت بالعقل والنقل " أن لعرق المحق وغير ظالم حق " وهو كاف، ولا يحتاج إلى هذا المفهوم، وأن ذلك ظاهر ولا شك أن العامل غير ظالم، فلعرقه حق، إما بأن يخلى بالأجرة أو يقلع بالأرش، وهو جمع بين المصلحتين أيضا فإن لكل منهما دخلا في الابقاء، ونقضه بمنع الاجماع غير جيد، وكذا منع كونه بحث بأنه بعد المدة ظالم، كما فعله في شرح الشرايع، لأنه ثبت بحق، وإن كان المنع الثاني أولا، ووجه الثاني لا يخلو من قوة لما تقدم، إلا أن الأول أحوط وبالنصف أقرب فتأمل انتهى.
أقول: الخبر المشار إليه في كلامهم هنا هو ما رواه الشيخ في التهذيب عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي (1) " قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: من أخذ أرضا بغير حقها أو بنى فيها قال: يرفع بناؤه، ويسلم التربة إلى صاحبها ليس لعرق ظالم حق ثم قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) من أخذ أرضا بغير حقها كلف أن يحمل ترابها إلى المحشر.
وأنت خبير بأن مورد الخبر وسياقه من أوله إلى آخره إنما هو من اغتصب أرضا فتصرف فيها ببناء أو غرس مع كونها مملوكة لغيره، فإنه لا يملكها بذلك، بل هي ملك لمن سبق إليها أولا، وأنه يجب عليه أن يدفع بناءه ويزيل غرسه.،