الدلالة واضحة المقالة على النهي عن الإجارة بأكثر مما يستأجره في كل شئ إلا أن يعمل فيه شيئا، وإذا ضممت بعضها إلى بعض ظهر لك العموم في الحكم فإن ذكر هذه الأشياء المخصوصة في الأخبار إنما هو من قبيل التمثيل. بمعنى أن كل فرد فرد من هذه الأفراد المذكورة، سئل عن حكمه في الإجارة بأكثر مما استؤجر عليه أجيب فيه بذلك، والعموم كما يحصل بالأداة الموضوعة له، كذا بتتبع الأفراد والجزئيات على نحو القواعد النحوية المبتنية على تتبع أقوال العرب، وظاهرها الاكتفاء بعمل ما، وإن قل، فلا يشترط فيه المقاومة لما بأخذه زايدا، ونظيره ما تقدم في الضمايم.
وأما وجه الاشكال فمن حيث دلالة الأخبار الثلاثة المتقدمة في صدر البحث على الجواز في الأرض، وما ذكره المتأخرون في الجمع بينها وبين هذه الأخبار من حمل هذه الأخبار على الكراهة، قد عرفت ما فيه مما قدمناه في غير مقام من البحث معهم في هذه القاعدة التي بنوا عليها في جميع أبواب الفقه من الجمع بين الأخبار بحمل الأمر على الاستحباب، والنهي على الكراهة.
على أن بعض هذه الأخبار المذكورة قد اشتمل على ما هو صريح في التحريم، مثل قوله (عليه السلام) في رواية الحلبي فيمن تقبل الأرض بألف وقبلها بألفين " لا يجوز "، وقوله (عليه السلام) في الروايات الثلاثة المتقدمة في صدر البحث وفيها " إن فضل الأجير والبيت والحانوت حرام ":
وبذلك يظهر ضعف ما استند إليه بعض محققي متأخري المتأخرين في تأييد الكراهة بقوله (عليه السلام) في رواية أبي بصير الواردة في الرحى " أنه لا كره إن استأجرها " فإن فيه أن استعمال الكراهة في الأخبار بمعنى التحريم أكثر كثير، واستعمالها في هذا المعنى العرفي أنما هو اصطلاح متأخر.
وبالجملة فإن المتأمل في ما ذكرناه سيما مع تصريح الأخبار بالتحريم لا يخفى عليه ضعف الحمل المذكور.