احتج ابن البراج بصحيحة الحلبي (1) عن أبي عبد الله (عليه السلام) " قال:
لا تستأجر الأرض بالحنطة، ثم تزرعها حنطة.
أجاب الأصحاب عنها بالحمل على ما إذا اشترط ذلك من حاصل تلك الأرض أما لو أطلق أو اشترط من غيره فلا بأس، واستندوا في ذلك إلى رواية الفضيل بن يسار (2) " قال سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن إجارة الأرض بالطعام قال:
إن كان من طعامها فلا خير فيه " وفي رواية أبي بردة (3) " قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن إجارة الأرض المحدودة بالدراهم المعلومة؟ قال: لا بأس، قال:
وسألته عن إجارتها بالطعام؟ فقال: إن كان من طعامها، فلا خير فيه " وظاهر شيخنا الشهيد الثاني في المسالك المناقشة في ذلك، والميل إلى ما ذكره ابن البراج هنا، قال بعد ايراد صحيحة الحلبي حجة لابن البراج، والنهي حقيقة في التحريم، وأجيب بحمله على اشتراطه مما يخرج منها، لدلالة رواية الفضيل عليه، وبحمل النهي على الكراهة، وفيه نظر لأن النهي مطلق، ولا منافاة بينه وبين تحريم شرطه من طعامها، حتى يجمع بينهما بحمله عليه، والتحقيق أن المطلق والمقيد متى كانا منفيين لا يلزم الجمع بينهما، بل يحمل المطلق في اطلاقه، بخلاف المثبتين، وبملاحظته يتخرج فساد كثير مما قرروه في هذا الباب، وقد مضى مثله في النهي عن بيع الطعام قبل قبضه، مع ورود نص آخر بتحريم بيع المكيل والموزون كذلك، حيث جمع الأكثر بينهما بحمل المطلق على المقيد، وليس بشئ إلى أن قال: وقول ابن البراج بالمنع لا يخلو من قوة، نظرا إلى الرواية الصحيحة، إلا أن المشهور خلاف قوله، انتهى.
أقول: لا ريب أن مفهوم روايتي الفضيل وأبي بردة أنه إذا كان إجارة الأرض