بغير طعامها، ففيه خير، يعني جائز وصحيح، وهو ظاهر في جواز إجارة الأرض بالحنطة، وإن زرعت حنطة إذا لم يشترطه منها، وهذا المفهوم مفهوم شرط، وهو حجة عند المحققين، و عليه دلت الأخبار أيضا كما حققناه في مقدمات الكتاب من مجلد كتاب الطهارة (1) ومخالفته لظاهر ما دلت عليه صحيحة الحلبي واضحة، وحينئذ فلا بد من الجمع، وليس إلا ما ذكره الأصحاب أولا أو حمل النهي على الكراهة، والثاني منهما قد عرفت ما فيه في غير موضع مما تقدم، فلم يبق إلا الأول.
ويعضد الروايتين المذكورتين حسنة الوشا (2) " قال: سألت الرضا (عليه السلام) عن الرجل اشترى من رجل أرضا جربانا معلومة بمئة كر على أن يعطيه من الأرض، قال: حرام، فقلت له: فما تقول جعلني الله فداك أن اشترى منه الأرض بكيل معلوم وحنطة من غيرها؟ قال: لا بأس "، على أنه يمكن حمل حسنة الحلبي التي استند إليها ابن البراج على المزارعة، حسب ما دلت حسنة المتقدمة في صدر الكلام في الشرط المتقدم، ويكون حاصل المعنى فيهما معا واحد، وهو أنه لا يزارع بالحنطة المسماة بينهما، وإنما يزارع بالحصة الشايعة من النصف أو الثلث أو نحوهما، وإن عبر في هذه بلفظ الإجارة كما عبر في الأولى بلفظ القبالة وباب التجوز أوسع من ذلك.
ومما يعضد ما ذكرناه من حمل الإجارة على المزارعة وأن المراد بها ذلك تجوزا ما رواه الشيخ في الصحيح عن أبي المغرا (3) " قال: سأل يعقوب الأحمر أبا عبد الله (عليه السلام) وأنا حاضر فقال: أصلحك الله أنه كان لي أخ فهلك فترك في حجري يتيما ولي أخ يلي ضيعة لنا وهو يبيع العصير ممن يصنعه خمرا، ويؤاجر الأرض بالطعام: وأما ما يصيبني فقد تنزهت، فكيف أصنع