وإنما الكلام فيما إذا أذن له المالك، وقد أطلق جمع منهم المحقق في الشرايع وجوب جبايته بعد الفسخ على العامل، وظاهر عبارة التذكرة المتقدمة تقييد ذلك بما إذا كان في ذلك المال ربح، وعن الشيخ القول بالاطلاق كما هو ظاهر الجماعة المذكورين، وبه صرح في القواعد أيضا فقال إذا فسخ والمال دين وجب على العامل تقاضيه، وإن لم يظهر ربح.
وبالجملة فظاهر هم الاتفاق على وجوب الانضاض في الجملة، وإنما الخلاف في تخصيص ذلك بصورة وجود الربح كما هو ظاهر التذكرة أو مطلقا، كما هو ظاهر الأكثر، وعللوا ذلك باقتضاء المضاربة رد رأس المال عن صفته، والزبون لا يجري مجرى المال، ولأن الدين ملك ناقص، والذي أخذه كان ملكا تاما فليؤد كما أخذ لظاهر " على اليد ما أخذت حتى تؤدي " (1).
وأنت خبير بما في هذه التعليلات من عدم الصلوح، لابتناء الأحكام الشرعية عليها، كما أشرنا إليه في غير موضع مما تقدم، فإن الوجوب والتحريم ونحوهما أحكام شرعية يتوقف على الدليل الواضح، والأدلة عندنا منحصرة في الكتاب والسنة، وعندهم بضم الاجماع، ولا اجماع مدعى في المسألة، على أن ما ذكروه من التعليل المذكور معارض بأن الإدانة إنما حصلت بإذن المالك كما هو المفروض.
وقولهم إن المضاربة تقتضي رد رأس المال على صفته مسلم مع الاستمرار على العقد، وأما مع فسخه سيما إن كان الفاسخ هو المالك، فهو ممنوع والأصل عدم الوجوب، وبرائة الذمة منه، وهو أقوى دليل حتى يقوم الدليل الواضح على خلافه.
وأما قوله في المسالك في رد ذلك: أنه يضعف بأن إذن المالك فيه إنما كان على طريق الاستيفاء لا مطلقا، بدلالة القرائن، ولاقتضاء الخبر ذلك.
ففيه أن ذلك أنما يتم مع الاستمرار على العقد المذكور لامع فسخه، سيما إذا كان الفاسخ له هو المالك.