قال في المسالك: ولا شبهة في أنه أولى مع اتفاقهما عليه، وإلا فما اختاره المصنف أعدل من التسوية.
أقول: ولا يخفى أن المسألة غير منصوصة، والاحتياط فيها واجب، وهو يحصل بالقول الثالث، وأما الأول فإنه وإن كان أقل بعدا من الثاني إلا أنه لا يخلو أيضا من شئ فإن مجرد كون الغالب العمل بأجرة المثل لا يصلح لأن يكون سببا مملكا شرعيا لما زاد بحسب الواقع، فإنه يجوز أن يكون أجرة عمل أحدهما بالنظر إلى أجرة المثل درهمين، وأجرة الأخرى بالنظر إلى ذلك ثلاثة دراهم، فلو اقتسما كذلك وكان الأمر بحسب الواقع الذي قبضه كل منهما هو بالعكس، لأحد الأسباب المقتضية لذلك من تراض، ومسامحة أو مناقشة، فإنه لا يكون مبيحا للزيادة التي في أحد الطرفين، ولا حاسما لمادة الاشكال واقعا في البين بل الواجب عليهما لتحصيل براءة الذمة بيقين هو الرضاء بالصلح ليخرجوا بذلك من غضب رب العالمين. والله العالم.