عن تعقيب الإيجاب بالقبول، وعدم الفصل بينهما، فإن هذا إنما يتجه فيما لو كان القبول لفظا، إلا أن يراد أنه لا بد من التواصل وإن كان القبول فعلا، بأن يكون الأخذ بعد الإيجاب بلا فصل، وهو بعيد.
وبالجملة فإنه لا دليل على اعتبار هذه المقارنة، بل ربما دلت ظواهر جملة من الأخبار المشتملة على العقود على خلاف ذلك، والأصل إناطة صحة العقد بالرضا، والألفاظ الدالة عليه من الطرفين، فإن ذلك غاية ما تدل عليه الآية والروايات، وما عداه من المقارنة المذكورة خال من الدليل، ولا خلاف بينهم في أن القراض من العقود الجائزة من الطرفين، ويؤيده أنه وكالة في الابتداء، ثم قد يصير شركة بعد العمل، وكل من الوكالة والشركة من العقود الجائزة، ولا فرق في ذلك بين انضاض المال بمعنى صيرورته دراهم بعد أن كان عروضا، أو كان عروضا لم ينض، فلكل منهما فسخه وإن كان عروضا، وليس لصاحب المال أن يكلف المضارب بانضاض العروض بأن يصيرها دراهم كالأول وليس للمضارب أيضا أن يقول للمالك اصبر حتى ينض المال.
الثانية: في جملة من الشروط الواقعة في العقد، قال في التذكرة: يجب التنجيز في العقد، فلا يجوز تعليقه على شرط أو صفة مثل إذا دخلت الدار أو إذا جاء رأس الشهر فقد قارضتك، وكذا لا يجوز تعليق البيع ونحوه لأن الأصل عصمة مال الغير. انتهى.
أقول: لا يخفى ما في دليله من تطرق النظر إليه، فإن عموم الأدلة الدالة على جواز هذا العقد من آية ورواية شامل لما ذكره، فإنه تجارة عن تراض، وعقد المضاربة التي قدمنا نقله عنه في صد ر الكتاب شامل له.
وبالجملة فإنه لا دليل يعتمد عليه في ما ذكره من البطلان بهذا الشرط، والأصل عدمه ولو قال ضاربتك سنة بمعنى أنه جعل أجلا للمضاربة لم تلزم