وأما الثاني فلا وجه له، إلا، أن يرجع إلى أجرة المثل، فقول الشيخ أن الأول على وجه الصلح، والثاني من الحكم لا أعرف له وجها وجيها، وتوضيح الثاني من الوجهين المذكورين أنه يقسم الحاصل بينهم أثلاثا، فإن كانت أجرة مثلهم متساوية فلا بحث، وإن كانت متفاضلة رجع كل واحد منهم بثلث أجرة مثله على الآخرين، مضافا إلى الثلث الذي حصل له، فلو فرض أن الحاصل كان ستة دراهم، فإنهم يقتسمونها أثلاثا لكل واحد درهمان، وكان أجرة المثل للسقاء ثلاثة دراهم، ولصاحب الرواية درهمان، ولصاحب الدابة درهم، فإنه يرجع السقاء بثلث أجرته، وهو درهم على صاحب الدابة، وبثلثهما وهو درهم على صاحب الراوية فيحصل عنده أربعة دراهم، ويرجع صاحب الراوية على كل من السقاء وصاحب الدابة بثلثي درهم، فصار معه درهمان وثلث درهم، ويرجع صاحب الدابة على كل من الآخرين بثلث درهم فصار معه درهم، وحينئذ فيصير لكل واحد أجرة مثله، وهي ثلاثة للسقاء واثنان لصاحب الراوية، وواحد لصاحب الدابة.
قال في المسالك بعد ذكر الوجه الأول. وهذا يتم مع كون الماء ملكا للسقاء أو مباحا ونوى الملك لنفسه أو لم ينو شيئا، أما لو نواه لهم جميعا كان كالوكيل، والأقوى أنهم يشتركون فيه، حينئذ ويكون أجرته وأجرة الراوية والدابة عليهم أثلاثا فيسقط عن كل واحد ثلث الأجرة المنوية إليه، ويرجع على كل واحد بثلث انتهى.
وأنت خبير بأن ظاهر عبارة الشيخ المتقدمة هو كون محل الوجهين أمرا واحدا، وعليه جمد العلامة في نقله له، وظاهر كلامه هنا أن كلا من الوجهين مبني على أمر غير ما بنى عليه الآخر، على أنه سيأتي في المسألة الآتية ما يدل