إلا دين في ذمته، فإذا أخذ أحدهما حقه منه لم يكن قد أخذ عينا من أعيان الشركة، بل من أمر كلي في ذمته لا يتعين إلا بقبض المالك أو وكيله، وهنا ليس كذلك، لأنه إنما قبض لنفسه.
أقول: فيه أولا أن ما ذكره من الدليل الأول ظاهر البطلان، إذ لا ملازمة بين الأمرين، بل الفرق بين الحالين ظاهر، فإنه في صورة الابراء أو الهبة أو الصلح قد برئت ذمة الغريم من مال الشريك الذي أبرأه، أو وهبه أو صالحه، ولم يبق في ذمته إلا حصة الشريك الآخر، فكيف يشاركه فيما استوفاه، وهو لم يستحق شيئا بالكلية بل صار كالأجنبي، بخلاف ما لو لم يقع شئ من هذه الثلاثة، وبقي المال المشترك في ذمة الغريم، كما هو محل البحث، فإذا دفع شيئا والحال هذه فإنما دفع عما في ذمته من المال المشترك، والمدفوع إنما هو من المال المشترك، فلا يختص به القابض.
وثانيا أن ما ذكره في الدليل الثاني فهو وجه عقلي لا يسمع في مقابلة النصوص الصريحة الصحيحة، فإنها اجتهاد بحث في مقابلة النصوص، وهو على قاعدته المنهدمة وطريقته المنخرمة من عدم العمل بأخبار الآحاد جيد أما عند من لا يقول بقوله، بل يعمل بها فلا وجه لهذا التعليل في مقابلتها، وأما ما يفهم من المسالك من الميل إلى ما ذهب إليه ابن إدريس، تمسكا بما ذكره في الدليل الثاني حيث أيده وشيده بوجوه أطال بذكرها، وطعن في أخبار المسألة حيث قال:
إنها قاصرة عن الاستدلال بها لارسال بعضها، وضعف الآخر وعدم صراحة المطلوب في بعضها، ففيه أن الكلام معه في هذا المقام يرجع إلى الاستدلال بالأخبار المذكورة، وبيان صحتها وصراحتها في المدعى، فالواجب ذكرها هنا وبيان ما يدل عليه، وإن كنا قد قدمناها في كتاب الدين من المجلد المتقدم.
فنقول من الأخبار المذكورة، ما رواه الشيخ والصدوق في الصحيح عن