ولو صح بناء الأحكام الشرعية على مثل هذه التعليلات الواهية لاتسع المجال و الكلام في تشريع الأحكام مع استفاضة النصوص عن ذوي الخصوص بالمنع من القول فيها إلا بما ورد عنهم (عليهم السلام) وإلا فالسكوت، وما أجاب به في المختلف عن حجة المبسوط بالنسبة إلى المضمون عنه بأنه متعين لتشخصه وحضوره عنده إنما يتم بالنسبة، إلى مورد الخبرين، والمدعى أعم من ذلك.
وبالجملة فإن الاعتماد في تأسيس الأحكام على مثل هذا الكلام مجازفة محضة في أحكام الملك العلام، والعجب منهم (رضوان الله عليهم) أنهم يطعنون في الأخبار المتفق على روايتها في الأصول المشتهرة المعتمدة، بناء على الاصطلاح المحدث، ويعولون هنا على نقل هذه الروايات الواهية التي هي كبيت العنكبوت، وأنه لأوهن البيوت مضاهية.
وبذلك يظهر لك أن الأصح من هذه الأقوال هو القول بعدم الاشتراط مطلقا، و مما يدل صريحا على عدم معرفة المضمون له ما رواه في الكافي عن فضيل وعنبيد (1) عن أبي عبد الله (عليه السلام) " قال: لما حضر محمد بن أسامة الموت دخل عليه بنو هاشم فقال لهم: لد عرفتم قرابتي ومنزلتي منكم، وعلى دين فأحب أن تقضوه عني، فقال علي بن الحسين (عليهما السلام) ثلث دينك على، ثم سكت وسكتوا، فقال علي بن الحسين (عليهما السلام) على دينك كله، ثم قال علي بن الحسين (عليهما السلام) أما أنه لم يمنعني أن أضمنه أو لا إلا كراهة أن يقولوا: سبقنا " وهذا الخبر كما أنه يدل على عدم اشتراط معرفة المضمون له، وكذلك يدل على عدم اشتراط معرفة قدر الدين، وسيأتي الكلام فيه انشاء الله تعالى، والأصحاب القائلون بعدم الاشتراط مطلقا عللوا عدم اعتبار العلم بالمضمون عنه بأن الضمان وفاء دين عنه، وهو جايز عن كل مديون.
وأما المضمون له فإن اعتبر القبول لفظا كما هو مقتضى العقد اللازم،