اقتضى ذلك تميزه وإن لم يعتبر، فإنه لا يعتبر العلم به.
أقول: الأظهر في الاستدلال على ذلك هو التمسك بأصالة العدم حتى يقوم دليل على الاشتراط في المضمون عنه، أو المضمون له.
وأما اعتبار القبول وأنه لا بد من عقد يشتمل عليه فقد عرفت من الخبر المذكور ما يدفعه، فإنه (عليه السلام) بمجرد اخبار محمد المذكور أن عليه دينا ضمنه من غير فحص، ولا علم بصاحب الدين بالكلية، ولا علم بقدر الدين، وكذلك يؤيده الخبران المتقدمان هذا.
وأما ما ذكره القائلون بهذا القول - من اشتراط امتياز المضمون عنه عند الضامن ليصح معه القصد إلى الضمان عنه كما قدمنا نقله عنهم.
فقيل: إن وجهه أن الضمان يتوقف على القصد، وهو متعلق بالمضمون عنه والحق، فلا بد من تميزه بوجه تزول عنه الجهالة ليمكن القصد إليه.
وأورد عليه بأنه يشكل بمنع توقف القصد على ذلك، فإن المعتبر القصد إلى الضمان، وهو التزام المال الذي يذكره المضمون له في الذمة، وهو غير متوقف على معرفة من عليه الدين، والدليل إنما دل على اعتبار القصد في العقد، لا في من كان عليه الدين، فلو قال شخص مثلا: إني استحق في ذمة شخص مئة درهم، فقال له آخر: ضمنتها لك، كان قاصدا إلى عقد الضمان، على أي من كان الدين عليه، ولا دليل على اعتبار ما زاد عن ذلك.
وإلى ذلك مال في التذكرة حيث قال: " وهل يشترط معرفة ما يميزه عن غيره؟ الأقرب العدم، بل لو قال: ضمنت الدين الذي لك على من كان من الناس جاز. نعم لا بد من معرفة المضمون عنه بوصف يميزه عند الضامن، بما يمكن القصد معه إلى الضمان عنه، لو لم يقصد الضمان عن أي من كان. انتهى أقول: ما حكموا به من صحة الضمان وثبوته في هذه الصورة بمعنى على أي من كان من الناس لم أقف فيه على نص يدل عليه، أو يشير إليه، والمفهوم من الروايات