والثاني انه على التراخي فعلى هذا القول كم يكن مقداره للشافعي ثلثه أقوال أحدها مدة الخيار ثلثه أيام والثاني المدة باقية حتى يتمكن من الوطي أو يصرح بالرضا والثالث ان يكون منها ما يدل على الرضا إذا عرفت هذا فمتى ادعت المراة انها لم تعلم بالعتق فإن كان مثل ذلك يخفى قبل منها مع اليمين بان تكون في بلد وسيدها في الأخر أو في قرية وهو في غيرها أو في محلتين متباعدتين ولو كانت مع سيدها في دار واحدا ودرب واحد وكان مما لا يخفى عليها ميل سيدها إليها والى اعلامها به لم يقبل قولها وان ادعت جهالة الحكم فقالت علمت العتق ولم اعلم أن للأمة إذا أعتقت الخيار فالأقوى قبول قولها مع اليمين لان ذلك من علم الفقهاء ويخفى على العامة وهو أحد قولي الشافعي والثاني لا يقبل منها كخيار الرد بالغبن في التزويج وكل موضع قلنا يقبل قولها في الجهالة فلا بد من اليمين وان لم يقبل فالقول قول الزوج مع اليمين النظر الثاني في كيفية الاختيار و هو إما بالقول أو الفعل فهنا مقامان الأول القول وهو إما صريح واما كناية واما الصريح فمثل أن يقول اخترت نكاحك أو اخترت تقرير نكاحك أو اخترن حبسك على النكاح أو اخترت عقدك أو اخترتك أو أمسكتك وما شابهه من الألفاظ وقال بعض الشافعية ان قول اخترتك وامكنتك من غير التعرض للنكاح كناية واما الكناية فهو ما يدل اللفظ عليه بالالتزام كما لو كان تحته ثمان نسوة وأسلمن معه واختار أربعا منهن الفسخ وهو يريد حل نكاحهن بغير طلاق لزمه نكاح الأربع الباقيات وان لم يتلفظ في حقهن بشئ لان نكاح أربع لازم له وقد جعل الشارع له خيار فسخ نكاح من شاء فإذا اختار فسخ أربع ثبت عقد البواقي ولو قال لا ربع أريد كن ولا ربع لا أريد كن حصل التعيين والوجه حصوله بمجرد قوله أريد كن أو بقوله لا أريد كن مسألة إذا طلق واحدة منهن أو أربعا كان ذلك تعيينا للنكاح لان الطلاق لا يخاطب به الا الزوجة لأنه موضوع لإزالة قيد النكاح فلا يواجه به الا الزوجة فإذا خاطب واحدة منهن به كان ذلك دليلا على اختيارها زوجة أولا ويقع بها الطلاق وان حصلت شرائطه وينقطع نكاح الأربع المطلقات بالطلاق ويندفع نكاح الباقيات بالشرع ولو طلق أربعا لا على التعيين فان قلنا بصحة الطلاق المبهم وقع على أربع وتعيين للطلاق من شاء منهن ويكون الحكم كما تقدم من اندفع نكاح البواقي بالشرع والشافعية وجه اخر ان الطلاق ليس تعيينا للنكاح لأنه روى في قصه فيروز الديلمي ان النبي صلى الله عليه وآله قال له طلق أيتهما شئت ولو كان الطلاق تعيينا للنكاح لكان ذلك تفويتا لنكاحهما عليه والمعتد ما قلناه فإذا طلق واحدة صح طلاقها وكانت واحدة من الأربع التي يختارهن للنكاح ثم يختار من البواقي للنكاح ثلاثا ولو طلق الأربع اندفع نكاح البواقي وتثبت نكاح المطلقات ثم أطلقن بالطلاق لان الاختيار ليس باللفظ بل بالقصد والإرادة واللفظ وضع دلالة عليه مسألة قال الشيخ (ره) ان كل واحد من الظهار واليلاء يكون تعيينا للنكاح فلو ظاهر من واحدة من أربع أو إلى منها كان ذلك اختيار لنكاحهن لأنهما تصرفان مخصوصان بالنكاح فأشبها لفظ الطلاق وهو أحد قولي الشافعي وأصحهما عنده المنع لان الظهار وصف بالتحريم والايلاء حلف على الامتناع من الوطي وكل واحد من المعيني بالأجنبية أليق منه بالزوجة ولان الظهار يصح ان يخاطب به الأجنبية وكذا الايلاء يصح ان يحلف على الأجنبية انه لا يطأها حتى أنه لو تزوج بها فوطئها كان عليه الكفارة فعلى القول الثاني لو اختار التي ظاهر عنها أو إلى للنكاح صح الظهار والايلاء عنده ويكون ابتداء مدة الايلاء من وقت الاختيار وحينئذ يصير عايدا ان لمن يفارقها ولو قذف واحدة منهن فان اختار غيرها وجب لها الحدان كانت محصنة ولا يسقط عنه الا بالبينة وان اختار التي قذفها كان له اسقاطه بالبينة أو اللعان فاما إذا أسلم وتخلفن في الشرك فطلق واحدة منهن أو ظاهر منها أو إلى منها أو قذفها نظر فإن لم تسلم حتى انقضت العدة فلا حكم للطلاق ولا الايلاء ولا للظهار لأنهن بن باختلاف الدين من حين أسلم واما القذف فيجب عليه التعزير دون الحد لأنه قذف مشركة وله اسقاطه بالبينة دون العام لأنه قذفها وهي بائن فاما إذا أسلمن قبل انقضاء عددهن فاما التي طلقها قال بعض الشافعية انه ان اختارها وقع عليها الطلاق وصح ظهارها والايلاء منها وقال بعضهم بل يجب إذا أسلمت المطلقة ان يقع الطلاق ويكون ذلك اختيارا لها لان هذا الطلاق إن كان يقع عليها مع اختياره وقع عليها باسلامها واما الظهار والايلاء فليس باختيار فان اختار التي ظاهر منها والى صح ذلك واما القذف فإن لم يختبر التي قذفها وجب عليه التعزير لأنه قذفها وهي مشركة وليس له اسقاطه باللعان لأنه قذف أجنبية وان اختارها كان أيضا عليه التعزير لأنه قذفها قبل اسلامها وله اسقاطه بالبينة أو اللعان مسألة لو أسلم عن ثماني نسوة وأسلمن معه فطلقهن كلهن ثلثا قيل له اختر أربعا فإذا اختار وقع بهن الطلاق و حل له نكاح الباقيات لأنه قد ظهر بالاختيار ان الزوجات غيرهن ولو تزوج مشرك أختين ثم طلق كل واحدة منهما ثلاثا ثم أسلم وأسلمتا وأراد ان يتزوج إحديهما قبل ان ينكح زوجا غيره أو أسلم وأسلمتا قبل ان يطلقها ثم يطلقهما ثلاثا قال بعض الشافعية يقال له يطلق من كنت نختار منهما فإذا أشار إلى واحدة حل له ان يعقد على الأخرى واختلفت الشافعية في ذلك فمنهن من صوبة في إحدى المسألتين دون الأخرى وهو إذا أسلم واسلمتا ثم طلقهما فاما إذا طلقهما ثلاثا في حال الشرك فلا تحل له واحدة منهما لان الطلاق عند الشافعي حال الشرك واقع وقال بعضهم هذا ليس بصحيح لان الرك إذا زاد على ما يجوز في الشرع كان باطلا في الزيادة ولهذا إذا أسلم عن عشرة نسوة وأسلمن معه فاختار منهن أربعا لم يجب الباقيات مهر إذا لم يكن دخل بهن ولا متعة ولا نفقة فجعل النكاح على الباقيات فاسدا من أصله اعترض بان هذا انما يراعى إذا بقى النكاح إلى حالة الاسلام واما ما أوقعه من الطلاق في حال الشرك فإنه يمضى عليه الا ترى انه لو تزوج بامرأة في عدة ثم أسلم لم يقر على نكاحها ولو طلقها قبل الاسلام ثلاثا لم يكن له ان يتزوج بها وإن كان النكاح فاسدا ولو كانت تعتد من الطلاق بالصحيح لكان يجب ان تعتد من النكاح بالصحيح لو كان قد تزوج أختين دفعة واحدة وأسلمن جاز له امساك الثانية وإن كان نكاحها فاسدا في الشرع فكذا طلاقها مسألة الطلاق عندنا لا يقع بالكنايات وانما يقع بصريح لفظة طالق فلو قال فسخت نكاح هذه ونكاح هؤلاء الأربع وأراد للطلاق صرف إليه عند العامة ووقع وعندنا لا يقع وهل يكون اختيارا كالطلاق لوقوع الطلاق بالكناية إما عندنا فيحتمل ذلك لان الاختيار النفسي هو المقتضى لتقرير النكاح فبأي لفظ اتى به مما يدل عليه كان كافيا قضاء للدلالة ولا شك ان هذا اللفظ يشابه الطلاق في الفسخ فصح استعماله فيه مجازا وإذا أريد المجاز حمل عليه وثبت مقتضاه وان قال أردت حمل النكاح وفسخه بغير طلاق صح وارتفع نكاحهن وثبت عقد البواقي ان كن أربعا ولو قال الواحدة فارقتك قال بعض الشافعية يكون طلاقا لان الفراق صريح في الطلاق فهو كقوله طلقتك وليس بجيد ويكون فسخا كما لو قال اخترت فراقها ولا أريدها وبه قال بعض الشافعية لان النبي صلى الله عليه وآله قال لفلان اختر أربعا منهن وفارق سايرهن فلو كان الفراق طلاقا والطلاق اختيار لزم صحة عقد الجمع وهو باطل مسألة انما يكون الفسخ فيما زاد على الأربع فلو أسلم على أربع لا غير فاختار فسخ نكاحهن فان أراد حل النكاح بغير طلاق لم يكن له ذلك وكذا لو زدن على الأربع فاختار فسخ نكاح الجميع لم يكن له ذلك لان النكاح ثابت في أربع لا سبيل إلى فسخه ومندفع في الزايد لا سبيل ثبوته وانما الذي إليه التعيين لا يغر فلو (اختار الجميع وهن أزيد من أربع للنكاح لم يصح ولو خاطب الجميع بالطلاق وقع الطلاق صح) على الأربع المنكوحات ويبقى الحاجة إلى التعيين مسألة إذا قال إن دخلت الدار فقد اخترتك للنكاح أو الفسخ لم يصح لان تعليق الاختيار لا يجوز فان ان نزله منزلة الابتداء كان تعليقه كتعليق النكاح وان نزل منزله الاستدامة كان تعليقه كتعليق الرجعة ولأنه أمر بالتعيين والاختيار المعلق ليس بتعيين وبه قال بعض الشافعي وقال بعض أصحابه ان تعليق الاختيار للفسخ يجوز تشبيها بالطلاق فان كل واحد منهما
(٦٥٧)