فإنه لو مات غير محجور عليه حجر عليه فلو قال وارثه للبايع والسلعة باقية لا يرجع حتى أقدمك على الغرماء لم يلزمه القبول أيضا لما ذكرنا من محظور ظهور غريم اخر ولو أقل أؤدي الثمن من مالي فالوجه ان عليه القبول ولم يكن له الفسخ لان الوارث خليفة المورث فله تخليص المبيع وكما أن المديون لو دفع الثمن إلى المشتري لم يكن له الفسخ كذا وارثه هذا على تقدير ان يكون المديون قد خلف وفاء إما إذا لم يخلف وفاء فإنه لا اختصاص له بالعين على ما بيناه. مسألة: لو امتنع المشتري من تسليم الثمن مع يساره أو هرب أو مات وهو ملي فامتنع الوارث من دفع الثمن فإن كان الثمن حالا ولم يسلم السلعة إلى المشتري فإنه يتخير البايع بعد ثلاثة أيام في الفسخ والصبر عندنا خاصة ولو كان البايع قد سلم السلعة إلى المشتري لم يكن له الفسخ وان تعذر عليه ثبوته أو مطله أو شبه ذلك وهو أصح وجهي الشافعي لأنه لم يوجد عيب الافلاس ويمكن التوصل إلى الاستيفاء بالسلطان فان فرض عجز كان نادرا لا عبرة به والثاني ان له الفسخ لتعذر الوصول إلى الثمن. مسألة: لو باع السلعة وضمن المشتري ضامن بالثمن فإن كان البايع قد رضي بضمانه انتقل حقه عن المشتري إلى الضامن لأن الضمان عندنا ناقل وقد رضي بانتقال المال من ذمة المشتري إلى ذمة الضامن فبرئت ذمة المشتري ولم يكن للبايع الرجوع في العين سواء تعذر عليه الاستيفاء من الضامن أو لا ولو لم يرض البايع بضمانه لم يكن بذلك الضمان اعتبار إذا عرفت هذا فإنه لا اعتبار لاذن المشتري في الضمان عندنا بل متى ضمن ورضي البايع صح الضمان سواء صم بإذن المشتري أو تبرع بالضمان عنه وقال الشافعي ان ضمن بإذن المشتري فلا رجوع للبايع في العين لأنه ليس بمتبرع على المشتري و الوصول من يده كالوصول من يد المشتري وان ضمن بغير اذنه فوجهان أحدهما انه يرجع كما لو تبرع متبرع بالثمن والثاني انه لا يرجع لان الحق قد تقرر في ذمته وتوجهت المطالبة عليه بخلاف المتبرع. تذنيب: لو أعير المشتري ما يرهنه بالثمن صح ولم يكن له الرجوع في العين لامكان ايفائه من الدين بالرهن وللشافعي الخلاف السابق في الضمان مسألة: لو انقطع جنس الثمن فان جوزنا الاعتياض عنه إذا كان في الذمة والاستبدال فلا يعذر في استيفاء عوض عنه ولم يكن للبايع فسخ البيع وان منعنا من الاعتياض فهو كانعتاق المسلم فيه والمسلم فيه إذا انقطع كان اثره ثبوت حق الفسخ وهو أصح قولي الشافعي وفي الثاني الانفساخ وهو أضعف قوليه فكذا هنا النظر الثاني: في المعاوضة يعتبر في المعاوضة التي يملك فيها المفلس شرطان سبق المعاوضة على الحجر وكونها محض معاوضة فلو باع من المفلس شيئا بعد الحجر عليه فالأقرب الصحة على ما تقدم وهل يثبت له حق الفسخ والرجوع في العين خلاف سبق فان قلنا لا رجوع تحقق شرط سبق المعاوضة على الحجر والا فلا ولو آجر الانسان داره وسلمها إلى المستأجر وقبض الأجرة ثم أفلس وحجر عليه فالإجارة مستمرة بحالها لا سبيل للغرماء عليها كالرهن يختص به المرتهن فان انهدمت الدار في أثناء المدة وفسخت الإجارة فيما بقي منها ضارب المستأجر مع الغرماء بحصته ما بقي منها إن كان الانهدام قبل قسمة المال بينهم وإن كان بعد القسمة فالأقوى انه يضارب أيضا وهو أصح وجهي الشافعي لأنه دين أسند إلى عقد سابق على الحجر وهو الإجارة فصار كما لو انهدم قبل القسمة وفي الأخر انه لا يضارب لأنه دين حدث بعد القسمة فصار كما لو استقرض ويضعف بان السبب متقدم فيكون مسببه كالمتقدم. مسألة: لو باعه جارية بعبد وتقايضا ثم أفلس مشتري الجارية وحجر عليه وهلكت الجارية في يده ثم وجد بايعها بالعبد عيبا فرده فله طلب قيمة الجارية قطعا والأقرب في الطلب انه يضارب كساير أرباب الديون وهو أصح وجهي الشافعية والثاني انه يقدم على ساير الغرماء بقيمتها لأنه ادخل في مقابلتها عبدا في مال المفلس وهذان الوجهان يخالفان الوجهين في رجوع من باع منه بعد الحجر شيئا بالثمن إذا قلنا لا يتعلق بعين متاعه فانا في وجه نقول يضارب وفي وجه نقول يصير إلى أن يستوفي الغرماء حقوقهم ولا نقول بالتقدم بحال والفرق ان الدين هناك حادث بعد الحجر وهنا مستند إلى سبب سابق على الحجر فإذا انضم إليه ادخال شئ في ملك المفلس اثر في التقديم على أحد القولين. مسألة: قد بينا اشتراط التمحض للمعاوضة فيها فلا يثبت الفسخ في النكاح والخلع والصلح بتعذر استيفاء العوض وهو ظاهر على معنى ان المراة لا يفسخ النكاح بتعذر استيفاء الصداق ولا الزوج الخلع ولا العافي عن القصاص الصلح بتعذر استيفاء العوض وللشافعي قول بتسلط المراة على الفسخ بتعذر استيفاء الصداق وسيأتي انشاء الله تعالى وكذا ليس للزوج فسخ النكاح إذا لم يسلم المراة نفسها وتعذر الوصول إليها إما إذا انفسخ النكاح من جهتها فسقط صداقها أو طلقها قبل الدخول فسقط نصفه نصفه فاستحق الزوج الرجوع بما دفعه أو بنصفه فأقل وعين الصداق موجودة فهو أحق بعين ماله لقوله من أدرك متاعه بعينه عند رجل قد أفلس فهو أحق به. مسألة: إذا أفلس المسلم قبل توفية مال السلم فاقسامه ثلاثة. أ: ان يكون رأس المال باقيا بحاله فللمسلم فسخ العقد والرجوع إلى رأس ماله كما في البايع وان أراد ان يضارب مع الغرماء بالمسلم فيه ولا يفسخ أجيب إليه. ب: ان يكون بعض رأس المال باقيا وبعضه تالفا وحكمه حكم ما لو تلف بعض المبيع دون بعض وسيأتي. ج: ان يكون رأس المال تالفا فالأقرب انه لا يفسخ السلم بمجرد ذلك كما لو أفلس المشتري بالثمن والمبيع بألف بخلاف الانقطاع فإنه هناك إذا فسخ رجع إلى رأس المال بتمامه وهنا إذا فسخ لم يكن له المضاربة برأس المال ولو لم يفسخ لضارب بالمسلم فيه وهذا يقع إذا تعالت زيادة قيمة المسلم فيه رأس المال فحينئذ يقدم المسلم فيه ويضارب المسلم بقيمته مع الغرماء فإذا عرفت حصته نظر إن كان في المال من جنس المسلم فيه اخذ منه بقدر نصيبه وان لم يكن اشترى له من جنس حقه ويبقى له الباقي في ذمة المفلس فليس له ان يأخذ القيمة إذا لم يكن من جنس الحق لأنه يؤخذ بدل المسلم فيه وهذا أصح وجهي الشافعية والثاني ان للمسلم فسخ العقد والمعاوضة مع الغرماء برأس المال لأنه تعذر عليه الوصول إلى تمام حقه فليمكن من فسخ السلم كما لو انقطع جنس المسلم فيه وليس عندي بعيدا من الصواب وعلى هذا فهل يجئ قول بانفساخ السلم كما لو انقطع جنس المسلم فيه قال بعض الشافعية نعم اتماما للتشبيه وقال بعضهم لا لامكان حصوله باستقراض وغيره بخلاف الانقطاع وإذا كان رأس المال تالفا وانقطع جنس المسلم فيه فالأقوى انه يثبت له حق الفسخ لان سببه ثابت وهو الانقطاع فإنه سبب للفسخ في حق غير المحجور عليه ففي حقه أولي ولان ما ثبت في حق غير المحجور عليه كالرد بالعيب وله فايدة هنا فان ما يخصه لو فسخ لصرف إليه في الحال عن جهة رأس المال وما يخصه لو لم يفسخ لم يصرف إليه بل يوقف إلى أن يعود السلم فيه فيشترى به. مسألة:
لو قوم المسلم فيه فكانت قيمته مثلا عشرين فأقررنا له من المال عشرة لكون الديون ضعف المال ثم رخص السعر قبل الشراء فكانت العشرة يفي بثمن جميع المسلم فيه فالأقرب انه يشترى به جميع حقه ويسلم إليه لأن الاعتبار انما هو يوم القسمة والموقوف وان لم يملكه أسلم لكنه صار كالمرهون بحقه وانقطع حقه عن غيره من الحصص حتى لو تلف قبل التسليم إليه لم يتعلق بشئ مما عتد الغرماء فكان حقه في ذمة المفلس ولا خلاف في أنه لو فضل الموقوف عن جميع حق المسلم كان الفاضل للغرماء وليس له أن يقول الزايد قد زاد لي وهو أحد وجهي الشافعية والثاني انا نرد الموقوف إلى ما يخصه باعتبار قيمة الأجزاء فتصرف إليه خمسة والخمسة الباقية توزع عليه وعلى باقي الغرماء لان الموقوف لم يدخل في ملك المسلم بل هو باق على ملك المفلس وحق المسلم في الحنطة لا في ذلك الوقوف فإذا صارت القيمة عشرة فليس دينه الا ذلك ولا استبعاد فيه ولو غلا السعر وكنا قد أوقفنا العشرة ولم يوجد القدر الذي أسلم فيه الا بأربعين فعلى الأول لا يزاحمهم وليس له الا ما وقف له وهو العشرة يشتري له بها ربع حقه ويبقى الباقي في ذمة المفلس وعلى الوجه الأول ظهر ان الدين أربعون فيسترجع من ساير الحصص ما يتم به حصة الأربعين. مسألة: إذا ضرب الغرماء على قدر رؤوس أموالهم واخذ المسلم بما خصه