ولا يكون بيعه الا من جهته ولا يصح من المسلم بيع الخمر إذا عرفت هذا فلو خالف العامل واشترى خمرا أو خنزيرا أو أم ولد دفع المال في ثمنه فإن كان عالما كان ضامنا لان رب المال لا يملك ذلك فكأنه قد دفع ثمنه بغير عوض فكان ضامنا وإن كان جاهلا فكذلك وهو الأشهر للشافعية لان حكم الضمان لا يختلف بالعلم والجهل وقال القفال من الشافعية يضمن في الخمر دون أم الولد لأنه ليس لها امارة يعرف بها وقال بعضهم لا يضمن فيهما وقال آخرون لا يضمن في العلم أيضا لأنه اشترى ما طلب فيه الفصل بحسب رأيه وهو خطأ لان رب المال لا يملك ذلك فلا يجوز له دفع المال في عوضه مسألة قد بينا انه إذا قال للعامل قارضتك على أن يكون لك شركة في الربح أو شركة فإنه لا يصح لأنه لم يعين مقدار حصة العامل وبه قال الشافعي وقال محمد بن الحسن انه إذا قال شركة صح وإذا قال مشترك لم يصح وقال أصحاب مالك يصح ويكون له مضاربة المثل وقد بينا غلطهم ولو قال خذه قراضا على النصف أو الثلث أو غير ذلك صح وكان ذلك تقديرا لنصيب العامل قضية للظاهر من أن الشرط للعامل لان المالك يستحقه بماله والعامل يستحقه بالعمل والعمل يكثر ويقل وانما يتقدر حصته بالشرط فكان الشرط له فان اختلفا فقال العامل شرطته لي وقال المالك شرطت ذلك لنفسي قدم قول العامل لأن الظاهر معه مسألة لو دفع إليه الفين قراضا فتلف أحدهما قبل التصرف فقد قلنا إن الأقرب احتساب التالف من الربح وقال الشافعي يكون من رأس المال فإن كان التلف بعد ان باع واشترى فالتلف من الربح قولا واحدا ولو اشترى بالألفين عبدين فتلف أحدهما فللشافعية وجهان أنه يكون من الربح لأنه تلف بعد ان رد المال في التجارة والثاني يكون من رأس المال لان العبد التالف بدل أحد الألفين فكان تلفه كتلفها قال أبو حامد هذا خلاف مذهب الشافعي لان المزني نقل عنه انه إذا ذهب بعض المال قبل ان يعمل ثم عمل فربح وأراد ان يجعل البقية رأس المال بعد الذي هلك فلا يقبل قوله ويوفي رأس المال من ربحه حتى إذا أوفاه اقتسما الربح على شرطهما لان المال انما يصير قراضا في يد العامل بالقبض فلا فرق بين ان يهلك قبل التصرف أو بعده فيجب ان يحتسب من الربح وهذا كما اخترناه نحن مسألة لو دفع المالك إلى العامل مالا قراضا ثم دفع إليه مالا اخر قراضا فإن كان بعد تصرف العامل في الأول بالبيع والشراء كانا قراضين والا كانا واحدا فلو دفع إليه ألفا قراضا فأدارها العامل في التجارة بيعا وشراء ثم دفع إليه ألفا أخرى قراضا تعدد القراضان على معنى ان ربح كل واحدة منهما لا يجبر خسران الأخرى بل يختص كل منهما بربحها وخسرانها وجبر خسرانها من ربحها خاصة فان قال المالك ضم الثانية إلى الأولى بعد ان اشتغل العامل بالتجارة لم يصح القراض الثاني لان ربح الأول قد استقر فكان ربحه وخسرانه مختصا به فإذا شرط ضم الثانية إليه اقتضى ان يجبر به خسران الأولى إن كان فيه خسران ويجبر خسران الثانية بربح الأولى وهو غير جايز لان لكل واحد من العقدين حكما منفردا فإذا شرط في الثاني ما لا يصح فسد وإن كان قبل ان يتصرف في الأولى وقال له ضم الثانية إلى الأولى جاز وكان قراضا واحدا ولو كان المال الأول قد نض وقال له المالك ضم الثانية إليه جاز وبه قال الشافعي لأنه قد امن فيه المعنى الذي ذكرناه وصار كأنه لم يتصرف ولما رواه محمد بن عذافر عن أبيه قال اعطى الصادق (ع) أبي ألفا وسبع مائة دينار فقال له أتجر بها ثم قال إما انه ليس في رغبة في ربحها وإن كان الربح مرغوبا فيه ولكن أحببت ان يراني الله تعالى متعرضا (لفوائده) لعوايده قال فربحت فيها مائة دينار ثم لقيته فقلت قد ربحت لك فيها مائة دينار قال ففرح الصادق (ع) بذلك فرحا شديدا ثم قال لي أثبتها لي في رأس مالي إذا عرفت هذا فإنه إذا دفع إليه ألفا قراضا ثم دفع إليه ألفا أخرى قراضا ولم يأمره بضم إحديهما إلى الأخرى بل جعل الألف الأولى قراضا بعقد ثم دفع إليه الثانية قراضا بعقد اخر لم يجز له ضم الثانية إلى الأولى ومزجها بها لأنهما قراضان بعقدين على مالين فلا يجوز مزجهما الا بإذن المالك كما لو قارضه اثنان بمالين منفردين فان ضم أحدهما إلى الأخرى ومزجهما ضمن وبه قال الشافعي خلافا لأبي حنيفة وقال إسحاق يجوز ضم الثانية إلى الأولى إذا لم يتصرف في الأولى وكذا لو ضم مال أحد المالكين إلى مال الآخر ومزجه به ضمن الا ان يأذن كل واحد منهما ولا يكفي اذن الواحد في عدم ضمان مال الآخر بل في مال الاذن خاصة مسألة إذا دفع إليه ألفا قراضا وقال له أضف إليها ألفا أخرى من عندك ويكون الربح لك منه الثلثان ولي الثلث أو قال لك الثلث ولي الثلثان فالأقرب عندنا الصحة للأصل وقال الشافعي لا يصح لأنه ان شرط لنفسه الأكثر فقد فسد لتساويهما في المال وذلك يقتضي تساويهما في الربح فإذا شرط عليه العمل ونصيبه من الربح كان باطلا وان شرط للعامل الأكثر فسد أيضا لان الشركة إذا وقعت على مال كان الربح تابعا له دون العمل فتكون الشركة فاسدة ويكون هذا قراضا فاسدا لأنه عقد بلفظ القراض ولو كان قد دفع إليه الفين وقال له أضف إليهما ألفا من عندك فتكون الألف بيننا مشتركة والألف الأخرى قارضتك عليها بالنصف جاز عنده أيضا لان أكثر ما فيه ان مال القراض مشاع والاشاعة إذ لم يمنع التصرف لم يمنع الصحة وقال أصحاب مالك لا يجوز ان يضم إلى القراض الشركة لأنه لا يجوز ان يضم إليه عقد اجارة فلا يجوز ان يضم إليه عقد شركة والأصل ممنوع ولان أحد العقدين إذا لم يجعلاه شرطا في الآخر لم يمنع من جمعهما كما لو كان المال متميزا والإجارة إن كانت متعلقة بزمان نافت القراض لأنه يمنعه من التصرف وإن كانت متعلقة بالذمة جاز ولو دفع إليه ألفا قراضا فخلطها بألف له بحيث لا يتميز فقد تعدى بذلك فصار ضامنا كالمودع إذا مزج الوديعة بغيرها من ماله أو غير ماله ولأنه صيره بمنزلة التالف مسألة إذا دفع إليه مالا قراضا وشرط عليه ان ينقل المال إلى موضع كذا ويشتري من أمتعته ثم يبيعها هناك أو يردها إلى موضع القراض جاز ذلك للأصل بل لو خالف ضمن لما رواه الكناني عن الصادق (ع) قال سألته عن المضاربة يعطي الرجل المال يخرج به إلى الأرض ونهى ان يخرج به إلى ارض غيرها فعصى فخرج إلى ارض أخرى فعطب المال فقال هو ضامن فان سلم فربح فالربح بينهما وقال أكثر الشافعية يفسد القراض لان نقل المال من قطر إلى قطر عمل زايد على التجارة فأشبه شرط الطحن والخبز ويخالف ما إذا اذن له في السفر فان الغرض منه رفع الحرج وقال جماعة من محققيهم ان شرط المسافرة لا يضر فإنها الركن الأعظم في الأموال والبضايع الخطيرة والأصل عندنا ممنوع ولو قال خذ هذه الدراهم قراضا وصارف بها مع الصيارفة لم يجز له ان يصارف مع غيرهم لأنه قد خالف ما عينه له وهو أحد وجهي الشافعية والثاني انه يصح لان الغرض من مثله ان يصرفه صرفا لا أقوام بأعيانهم مسألة لو دفع إليه زيد مالا قراضا ودفع إليه عمرو كذلك فاشترى بكل واحد من المالين عبدا ثم اشتبها عليه بيع العبدان وبسط الثمن بينهما على النسبة ولو ربح فعلى ما شرطاه له فان اتفق خسران فإن كان لتقصيره ضمن وإن كان لانخفاض السوق لم يضمن لان غايته ان يكون كالغاصب والغاصب لا يضمن نقصان السوق وهو أحد قولي الشافعية لان قضية المال الممتزج هذا ولما رواه إسحاق بن عمار عن الصادق (ع) أنه قال في الرجل يبضعه الرجل ثلاثين درهما في
(٢٤٩)