ولا بأس به ثم اختلفوا فقال بعضهم انها محسوبة من الربح وقال بعضهم انها لا تعد من الربح خاصة ولا من رأس المال بل هي شايعة ولو وطي المالك السيد كان مستردا مقدار العقر حتى يستقر نصيب العامل فيه ولهم وجه اخر انه إن كان في المال ربح وقلنا إن العامل يملك نصيبه بالظهور وجب نصيب العامل من الربح والا لم يجب واستيلاد المالك جارية القراض كاعتاقها وإذا أوجبنا المهر بالوطي الخالي عن الأحبال فالظاهر الجمع بينه وبين القيمة مسألة لو حصل في المال نقص بانخفاض السوق فهو خسران مجبور بالربح وكذا ان نقص المال بمرض حادث أو بعيب متجدد واما ان حصل نقص في العين بان يتلف بعضه فان حصل بعد التصرف في المال بالبيع والشراء فالأقرب انه كذلك وأكثر الشافعية ان الاحتراق وغيره من الآفات السماوية خسران مجبور بالربح أيضا واما التلف بالسرقة والغصب ففيه لهم وجهان وفرقوا بينهما بان في الغصب والسرقة يحصل الضمان على الغاصب والسارق وهو يجبر النقص فلا حاجة إلى جبره بمال القراض وأكثرهم لم يفرقوا بينهما وسووا بين التلف بالآفة السماوية وغيرها فجعلوا في الوجهين النوعين أحدهما المنع لأنه نقصان لا تعلق له بتصرف العامل وتجارته بخلاف النقصان الحاصل بانخفاض السوق وليس هو بناشئ من نفس المال الذي اشتراه العامل بخلاف المرض والعيب فلا يجب على العامل جبره وكيف ما كان فالأصح عندهم انه مجبور بالربح وان حصل نقص العين بتلف بعضه قبل التصرف فيه بالبيع والشراء كما لو دفع إليه مائة قراضا فتلف منها قبل الاشتغال خمسون فالأقرب انه من الربح أيضا يجبر به التالف لأنه تعين للقراض بالدفع وقبض العامل له فحينئذ يكون رأس المال مائة كما كان وهو أحد قولي الشافعي وبه قال المزني والأظهر عندهم انه يتلف من رأس المال ويكون رأس المال الخمسين الباقية لأن العقد لم يتأكد بالعمل وليس بجيد إذ العمل فرع كون المال مال قراض مسألة لو تلف المال باسره في يد العامل قبل دورانه في التجارة إما بآفة سماوية أو باتلاف المالك له انفسخت المضاربة لزوال المال الذي تعلق العقد به فان اشتراه بعد ذلك للمضاربة كان لازما له والثمن عليه سواء علم بتلف المال قبل نقد الثمن أو جهل ذلك الا ان يجيز المالك الشراء فان أجاز احتمل ان يكون قارضا كما لو لم يتلف المال وعدمه كما لو لم يأخذ شيئا من المال إما لو أتلف أجنبي قبل دورانه في التجارة وقبل تصرف العامل فيه فان العامل يأخذ بدله ويكون القراض باقيا فيه لان القراض كما يتناول عين المال الذي دفعه المالك كذا يتناول بدله كأثمان السلع التي يبيعها العالم والمأخوذ من الأجنبي عوض بدله وكذا لو أتلف بعضه ولو تعذر اخذ البدل من الأجنبي فالأقرب انه يجبر بالربح وهو أحد قولي الشافعية إذا عرفت هذا فان للعامل النزاع مع الأجنبي والمخاصمة له والمطالبة بالبدل والمحاكمة عليه وهو أحد وجهي (بعض) الشافعية لان حفظ المال يقتضي ذلك ولا يتم الا بالخصومة والمطالبة خصوصا مع غيبة رب المال فإنه لو لم يطالبه العامل ضاع المال وتلف على المالك وفي الوجه الثاني ليس له ذلك لان المضاربة عقد على التجارة فلا يندرج تحته الحكومة وليس بجيد لأنه من توابعها فعلى هذا لو ترك الخصومة والطلب مع غيبة المالك ضمن لأنه فرط في تحصيله وإن كان حاضرا وعلم الحال لم يلزم العامل طلبه ولا يضمنه إذا تركه لان رب المال أولي بذلك من وكيله وفصل بعضهم فقال الخصم المالك ان لم يكن في المال ربح وهما جميعا إن كان فيه ربح مسألة لو أتلف العامل مال القراض قبل التصرف فيه للتجارة احتمل ارتفاع القراض لأنه وان وجب بدله عليه فإنه لا يدخل في ملك المالك الا ان يقبض منه فحينئذ يحتاج إلى استيناف القراض وبه قال الجويني وبقاء القراض في البدل كبقائه في أثمان المبيعات وفي بدله لو أتلفه الأجنبي وعلى هذا التقدير يكون حكم البدل في كونه قراضا حكم المبدل المأخوذ من الأجنبي المتلف ولو كان مال القراض مأتين فاشترى بهما عبدين أو ثوبين بكل مائة منهما عبدا أو ثوبا فتلف أحدهما فإنه يجبر التالف بالربح فيحسب المغروم من الربح لان العامل تصرف في رأس المال وليس له ان يأخذ شيئا من جهة الربح حتى يرد ما تصرف فيه إلى المالك وهو أظهر وجهي الشافعية والثاني البناء على تلف بعض العين قبل التصرف بان يقول لو تلف إحدى المأتين قبل التصرف جبرناها بالربح فهنا أولي وان قلنا بتلف رأس المال فهنا كذلك لان العبدين بدل المأتين ولا عبرة بمجرد الشراء فإنها تهيئة محل التصرف والركن الأعظم في التجارة البيع لان ظهور الربح منه يحصل والمعتمد ما قلناه مسألة لو اشترى عبدا للقراض فقتله قاتل فإن كان هناك ربح فالمالك والعامل غريمان مشتركان في طلب القصاص أو الدية وليس لأحدهما التفرد بالجميع بل الحق لهما فان تراضيا على العفو على مال أو على القصاص جاز وان عفا أحدهما على غير شئ سقط حقه خاصة من القصاص والدية وكان للاخر المطالبة بحقه منهما معا فان اخذ الدية فذاك وان طلب القصاص دفع الفاضل من المقتص منه واقتص وعند الشافعي يسقط حق القصاص بعفو البعض دون الدية وليس بشئ وسيأتي وهذا بناء على ما اخترناه من أن العامل يملك بالظهور وان لم يكن هناك ربح فللمالك القصاص والعفو على غير مال وكذا لو أوجبت الجناية المال ولا ربح كان العفو عنه مجانا ويرتفع القراض ولو اخذ المال أو صالح عن القصاص على مال بقي القراض فيه لأنه بدل مال القراض فإن كان بقدر رأس المال أو دونه كان لرب المال وإن كان أكثر كان الفضل بينهما ولو كان هناك ربح وقلنا إن العامل لا يملك الا بالقسمة لم يكن للسيد القصاص بغير رضي العامل لأنه وان لم يكن مالكا للربح فان حقه قد تعلق به فان اتفقا على القصاص كان لهما مسألة إذا اشترى العامل شيئا للقراض فتلف الثمن قبل دفعه إلى البايع فإن كان بتفريط من العامل إما في عدم الحفظ أو في التأخير للدفع كان ضامنا ويكون القراض باقيا ويجب عليه الدفع إلى البايع فان تعذر كان حكمه بالنسبة إلى صاحب المال ما سيأتي في عدم التفريط فنقول إذا تلف المال بغير تفريط من العامل فلا يخلو إما ان يكون الشراء بالعين أو في الذمة فإن كان قد اشترى بالعين بطل البيع ووجب دفع المبيع إلى بايعه وارتفع القراض وإن كان الشراء في الذمة للقراض فإن كان بغير اذن المالك بطل الشراء ان أضاف إلى المالك أو إلى القراض لأنه تصرف غير مأذون فيه ولا يلزم الثمن أحدهما بل يرد المبيع إلى بايعه وان لم يضف الشراء إلى المالك ولا إلى القراض بل اطلق ظاهرا حكم بالشراء للعامل وكان الثمن لازما له وإن كان بإذن المالك وقع الشراء للقراض ووجب على المالك دفع عوض الثمن التالف ويكون العقد باقيا وهل يكون رأس المال مجموع التالف والمدفوع ثانيا أم الثاني خاصة الأقوى ان المجموع رأس المال وبه قال أبو حنيفة ومحمد وهو أحد قولي الشافعية والثاني ان رأس المال هو الثاني خاصة لان التالف قد تلف قبل التصرف فيه فلم يكن من رأس المال كما لو تلف قبل الشراء وقال مالك ان المالك يتخير بين ان يدفع ألفا أخرى ويكون هو رأس المال دون الأول وبين ان لا يدفع فيكون الشراء للعامل ويتخرج هذا القول وجها للشافعية على ما قالوه في مداينة العبد فيما إذا أسلم إلى عبده ألفا ليتجر فيه فاشترى في الذمة شيئا ليصرفه إلى الثمن فتلف انه يتخير السيد بين ان يدفع إليه ألفا أخرى فيمضي العقد أو لا يدفع فيفسخ البايع العقد الا ان الفرق ان هنا يمكن صرف العقد إلى المباشر إذا لم يخرج المعقود له ألفا اخر وهناك لا يمكن فيصار إلى الفسخ واعلم أن الشافعي قال لو قارض رجلا فاشترى ثوبا وقبض الثوب ثم جاء ليدفع المال فوجد المال قد سرق فليس على صاحب المال شئ والسلعة للعامل وعليه ثمنها واختلف أصحابه هنا على طريقين منهم من قال انما أراد الشافعي إذا كانت الألف تلفت قبل الشراء
(٢٤٤)