بين العامل الثاني والمالك نصفين أو ما قدره ولم يشترط لنفسه شيئا من الربح صح وكان الربح بين المالك والعامل الثاني على ما شرط وان جعل العامل الأول لنفسه شيئا كأنه قال النصف لرب المال والباقي بيني وبينك نصفين لم يصح القراض لأنه شرط لنفسه نصيبا من الربح وليس من جهته مال ولا عمل فلم يصح ويكون الربح لرب المال وللعامل الثاني اجرة مثل عمله على المالك مسألة لو دفع العامل الأول قراضا إلى الثاني بغير اذن المالك فسد لان المالك لم يأذن فيه ولا أيتمن على المال غيره ولأنه لا يجوز ان يتصرف العامل في مال رب المال بما لا يتناوله اذنه فإذا عمل العامل الثاني فان حصل ربح فالأقرب انه للمالك ثم لا يخلو إما ان يكون العامل الثاني عالما بالحال أو لا فإن كان عالما لم يكن له شئ لأنه تصرف في مال الغير بغير اذنه مع علمه بأنه ممنوع منه ولا يستعقب ذلك استحقاق شئ وان لم يكن عالما رجع على العامل الأول بأجرة المثل ونقل المزني من الشافعية انه إذا عمل العامل الثاني بغير اذن المالك وحصل في المال ربح كان لرب المال النصف الذي شرطه لنفسه وما بقي بين العامل الأول والثاني ثم قال المزني هذا قول للشافعي قديم واصله الجديد المعروف وان كل فاسد لا يصح حتى يبتدأ بما يصح فان اشترى بعين المال بالشراء فاسد وان اشترى في الذمة فالشراء صحيح والربح للعامل الأول وللعامل الثاني اجرة مثله وبنوا هذه المسألة على أصل هي مسألة البضاعة وهي انه إذا غصب رجل مالا ثم أتجر يه وربح فيه ففيه قولان مبنيان على أن تصرفات الفضولي تنعقد موقوفة على الإجازة أم لا فان قلنا إن تصرفه باطل فلو ان الثاني تصرف في المال وربح لمن يكون الربح وهذا يبتني على أن الغاصب إذا أتجر في المال المغصوب ما حكم تصرفه ولمن الربح الحاصل إما إذا تصرف في عين المغصوب فهو تصرف الفضولي واما إذا باع سلما أو اشترى في الذمة وسلم المغصوب فيما التزمه وربح فعلى الجديد للشافعي الربح للغاصب لان التصرف صحيح والتسليم فاسد فيضمن المال الذي سلمه ويسلم له الربح وهذا قياس ظاهر وعلى القول القديم هو للمالك لحديث عروة البارقي لان النبي صلى الله عليه وآله اخذ رأس المال والربح ولانا لو جعلناه للغاصب لاتخذه الناس ذريعة إلى غصب الأموال والخيانة في الودايع والبضاعات ولان تصرفات الغاصب قد يكثر فيعسر تتبع الأمتعة التي تداولتها الأيدي المختلفة أو يتعذر وفي هذا القول مباحث آ هل يجزم على هذا القول بان الربح للمالك أو يوقفه على اجازته واختياره قيل بالوقف على الإجازة وبناء هذا القول على قول الوقف في بيع الفضولي ولم يتعرض الشافعي للفسخ والإجازة لان الغالب انه يجيز إذا رأى الربح فعلى هذا إذا رده يرتد سواء اشترى في الذمة أو بعين المغصوب وقال الأكثرون انه مجزوم به ويبنى على المصلحة وكيف يستقيم توقيف شراء الغاصب لنفسه على اجازة غيره وانما يجرى قول الوقف إذا تصرف في عين مال الغير أو له ب إذا كان في المال ربح وكثرت التصرفات وعسر تتبعها فهو موضع القول القديم إما إذا قلت وسهل التتبع ولا ربح فلا مجال له وحكى الجويني وجهين فيما إذا سهل التتبع وهناك ربح أو عسر ولا ربح ج لو اشترى في ذمته ولم يخطر له ان يؤدي الثمن من الدراهم المغصوبة ثم عن له ذلك قال الجويني ينبغي ان لا يجئ فيه القول القديم ان صدقه صاحب الدراهم وهذه المسألة تلقب بمسألة البضاعة إذا عرفت هذا فعلى الجديد وهو وقوع عقد الفضولي لاغيا ان اشترى بعين مال القراض فهو باطل وان اشترى في الذمة فأحد الوجهين ان كل الربح للعامل الثاني لأنه المتصرف كالغاصب في صورة الغصب وأصحهما عندهم ان كله للأول لان الثاني تصرف للأول باذنه فكان كالوكيل من حصته وعليه للثاني اجرة عمله وبه قال أبو حنيفة والمزني وان قلنا بالقديم وهو توقف عقد الفضولي على الإجازة ففيها يستحقه المالك من الربح وجهان أحدهما ان جميعه للمالك كما في الغصب طردا للقياس هذا القول وعلى هذا فللعامل الثاني اجرة مثله وعلى من يجب وجهان أحدهما انها على العامل الأول لأنه استعمله وغره والثاني على المالك لان نفع عمله عاد إليه وأصحهما وبه قال المزني ان له نصف الربح لأنه رضي به بخلاف الغصب فإنه لم يوجد منه رضي فصرفنا الجميع إلى المالك قطعا لطمع من يغصب ويخون وعلى هذا ففي النصف الثاني وجوه آ ان الجميع للعامل الأول لان المالك ان ما شرط له وعقده مع الثاني فاسد فلا يتبع شرطه لان المضاربة فاسدة والشرط لا يثبت في الفاسدة وعلى هذا فللشا في في اجرة مثل عمله على الأول لأنه غره الثاني ان كله للثاني لأنه العامل إما الأول فليس له عمل ولا ملك فلا يصرف إليه شئ من الربح وأصحهما عندهم أنه يكون بين العاملين بالسوية لان تتبع التصرفات عسير والمصلحة اتباع الشرط الا انه قد تعذر الوفاء به في النصف الذي اخذه المالك فكأنه تلف وانحصر الربح في الباقي وعلى هذا ففي رجوع العامل الثاني بنصف أجرة المثل وجهان أحدهما نعم لأنه كان طمعه في نصف الربح بتمامه ولم يسلم له الا نصف النصف وأشبههما لا لان الشرط محصول؟ على ما يحصل لهما من الربح والذي حصل هو النصف والوجهان فيما إذا كان العامل الأول قد قال للعامل الثاني على أن ربح هذا المال بيننا أو على أن لك نصفه إما إذا كانت الصيغة على أن ما رزقنا الله تعالى من الربح بيننا قطع أكثر الشافعية بأنه لا رجوع لان النصف هو الذي حصل وعن بعضهم اجراء الوجهين لان المفهوم تشطر جميع الربح هذا كله إذا جرى القرضان على المناصفة وان كانا أو أحدهما على نسبة أخرى فعلى ما تشارطا مسألة لو تلف المال في يد الثاني فإن كان عالما بالحال فهو غاصب أيضا حيث تصرف في مال الغير بغير اذنه مع علمه وإن كان جاهلا وظن أن المالك هو العامل الأول فترتب يده على يد الأول كترتب يد المودع على يد الغاصب لأنه يد أمانة وفي طريق للشافعية انه كالمتهب من الغاصب لعود النفع إليه والتحقيق ان العامل الثاني بمنزلة الغاصب في الاثم والضمان والتصرف وإن كان عالما بان هذا العامل الأول قارضه بغير اذن صاحب المال وإن كان غير عالم سقط عنه الاثم وبقي حكم التصرف والضمان إما التصرف فقد تقدم واما الضمان فان المال مضمون على كل واحد منهما إما على الأول فبتعديه بتسليمه إلى الثاني واما على الثاني فلانه تسلم مال غيره بغير اذنه وإن كان باقيا طالب أيهما شاء برده واخذه وإن كان تالفا كان له مطالبة أيهما شاء ببدله فان طالب العامل الأول لم يرجع على الثاني لأنه دفعه إليه على وجه الأمانة وان طالب الثاني فهل يرجع على الأول للشافعية قولان أحدهما يرجع لان الأول غره فأشبه ما لو غره بحرية أمته والثاني لا يرجع لان التلف حصل في يده فاستقر الضمان عليه إذا تقرر هذا فلو شرط العامل الأول على العامل الثاني ان نصف الربح للمالك وان النصف الآخر بينهما نصفين قال بعض الحنابلة يكون على ما اتفقا عليه لان رب المال رضي بالنصف فلا يدفع إلى أكثر منه والعاملان على ما اتفقا عليه وليس بشئ مع أن احمد قال لا يطيب الربح للمضارب الأول لأنه ليس له عمل ولا مال ولا للمضارب الثاني لأنه عمل في مال غيره بغير اذنه ولا شرطه فلا يستحق ما شرط له غير المالك كما لو دفعه إليه الغاصب مضاربة ولأنه إذا لم يستحق ما شرط له رب المال في المضاربة الفاسدة فما شرطه له غيره بغير اذنه أولي مسألة لو اذن رب المال للعامل في دفع المال مضاربة جاز ذلك ولا نعلم فيه خلافا ويكون العامل الأول وكيلا لرب المال في ذلك فإن كان بعد العمل جاز أيضا لما بينا من أن المضاربة من العقود الجايزة فإن كان قد ظهر ربح في عمل العامل وقلنا يملك بالظهور استحق نصيبه من الربح وان قلنا بالقسمة أو لم يظهر ربح فله أجرة المثل وإذا دفعه العامل الأول لم يجز له ان يشترط لنفسه جزاء من الربح فان شرط شيئا من الربح لم يجز إذ ليس من جهته مال ولا عمل والربح إما يستحق بأحدهما ولو قال له المالك اعمل في هذا المال برأيك أو بما أريك الله تعالى فالأقرب
(٢٤٠)