العمل برأيه في التجارة وليس ذلك منها ولو اخذ أحد الشريكين مالا مضاربة فربحه له دون صاحبه لأنه يستحق ذلك في مقابلة عمله وليس ذلك من المال الذي اشتركا فيه مسألة قد بينا ان الشركة من العقود الجايزة لكل منهما فسخها والرجوع في الاذن والمطالبة بالقسمة لان الانسان مسلط على ماله فكان له المطالبة باقراره من مال غيره وتمييزه عنه وليس لأحدهما مطالبة الآخر بإقامة رأس المال بل يقتسمان الأعواض إذا لم يتفقا على البيع ولا يصح التأجيل في الشركة ولو كان بعض المال في أيديهما والاخر غايب عنهما فاقتسما الذي في أيديهما والغايب عنهما صحت في المقبوض دون الغايب على الناس لان الباقر (ع) سئل عن رجلين بينهما مال منه بأيديهما ومنه غايب عنهما فاقتسما الذي في أيديهما وأحال كل واحد منهما صاحبه بنصيبه من الغائب فاقتضى أحدهما ولم يقتض الآخر قال ما اقتضى أحدهما فهو بينهما وما يذهب ماله وسأل معاوية بن عمار الصادق (ع) عن رجلين بينهما مال منه دين ومنه عين فاقتسما العين والدين فتوى الذي كان لأحدهما من الدين أو بعضه وخرج الذي للاخر يراد على صاحبه قال نعم ما يذهب بماله مسألة لو كان لرجلين دين بسبب واحد إما عقد أو ميراث أو استهلاك أو غيره فقبض أحدهما منه شيئا فللآخر مشاركته فيه وهو ظاهر مذهب أحمد بن حنبل لما تقدم في المسألة السابقة في رواية معوية بن عمار عن الصادق (ع) ولان تمليك القابض ما قبضه يقتضي قسمة الدين في الذمة من غير رضي الشريك وهو باطل فوجب ان يكون المأخوذ لهما والباقي بينهما ولغير القابض الرجوع على القابض بنصفه سواء كان باقيا في يده أو أخرجه عنها وله ان يرجع على الغريم لان الحق يثبت في ذمته لهما على وجه سواء فليس له تسليم حق أحدهما إلى الآخر فان اخذ من الغريم لم يرجع على الشريك بشئ لان حقه ثابت في أحد المحلين فإذا اختار أحدهما سقط حقه من الآخر وليس للقابض منعه من الغريم بان يقول انا أعطيك نصف ما قبضت بل الخيرة إليه من أيهما شاء قبض فان قبض من شريكه شيئا رجع الشريك على الغريم بمثله وان هلك المقبوض في يد القابض تعين حقه فيه ولم يضمنه للشريك لأنه قدر حقه فيما تعدى بالقبض وانما كان لشريكه مشاركته لثبوته في الأصل مشتركا ولو أبرأ أحد الشريكين الغريم من حقه برئ منه لأنه بمنزلة قبضه منه وليس لشريكه الرجوع عليه بشئ لأنه لم يقبض شيئا من حق الشريك ولو أبرأ أحدهما من جزء مشاع سقط من حقه وبسط ما يقبضانه من الغريم على النسبة فلو أبرأ أحدهما الغريم من عشر الدين ثم قبضا من الدين شيئا قسماه على قدر حقهما في الباقي للمبري أربعة اتساعه ولشريكه خمسة اتساعه وان قبض نصف الدين ثم أبرأ أحدهما من عشر الدين كله نفذت البراءة في خمس الباقي وما بقي بينهما على ثمانية للمبري ثلاثة أثمانه وللآخر خمسة أثمانه فما قبضاه بعد ذلك اقتسماه على هذا ولو اشترى أحدهما بنصيبه من الدين ثوبا قال بعض العامة كان للاخر ابطال الشراء فان بذل له المشتري نصف الثوب ولا يبطل البيع لم يلزم ذلك وان أجاز البيع ليملك الثوب جاز ويبنى على بيع الفضولي هل يقف على الإجازة أو لا فعندنا نعم وبين العامة خلاف ولو أجل أحدهما نصيبه من الدين جاز فإنه لو أسقط حقه جاز فتأخره أولي فان قبض الشريك بعد ذلك لم يكن لشريكه الرجوع عليه بشئ هذا إذا اجله في عقد لازم وان لم يكن في عقد لازم كان له الرجوع لان الحال لا يتأجل بالتأجيل فوجوده كعدمه وعن أحمد رواية أخرى انما يقبضه أحدهما له دون صاحبه لان ما في الذمة لا ينتقل إلى العين الا بتسليمه إلى غريمه أو وكيله وما قبضه أحدهما فليس لشريكه فيه قبض ولا لوكيله ولا يثبت له فيه حق وكان له ما قبضه لثبوت يده عليه بحق فأشبه ما لو كان الدين بسببين ولان هذا يشبه الدين في الذمة وانما يتعين حقه بقبضه فأشبه تعيينه بالابراء ولأنه لو كان لغير القابض حق في المقبوض لسقط بتلفه كالسائر الحقوق ولان هذا القبض إن كان بحق لم يشاركه غيره فيه كما لو كان الدين بسببين وإن كان بغير حق لم يكن له مطالبته ولان حقه في الذمة لا في العين فأشبه ما لو اخذ غاصب منه مالا فعلى هذا ما قبضه القابض يختص به دون شريكه وليس لشريكه الرجوع عليه فان اشتري بنصيبه ثوبا أو غيره صح ولم يكن لشريكه ابطال الشراء وان قبض أكثر من حقه بغير اذن شريكه لم يبرأ الغريم فيما زاد على حقه والمشهور ما قلناه أولا ولا يصح قسمة ما في الذمم لان الذمم لا تكافأ ولا تتعادل والقسمة تقتضي التعديل والقسمة من غير تعديل ولا يجوز بيع الدين بالدين فلو تقاسما ثم توى بعض المال رجع من توى ماله على من لم يتو وبه قال ابن سيرين والنخعي واحمد في إحدى الروايتين وفي الأخرى يجوز ذلك لان الاختلاف لا يمنع القسمة كما لو اختلفت الأعيان وبه قال الحسن وإسحاق وهذا إذا كان في ذمم متعددة فاما في ذمة واحدة فلا يمكن القسمة لان معنى القسمة افراز حق ولا يتصور ذلك في ذمة واحدة مسألة قد بينا انه إذا تساوى المالان تساوى الشريكان في الربح وان تفاوت المالان تفاوتا في الربح على النسبة فان شرطا خلاف ذلك جاز عندنا وصحت الشركة وبه قال أبو حنيفة خلافا للشافعي فلو كان لأحدهما الف وللآخر الفان فاذن صاحب الألفين لصاحب الألف ان يتصرف فيهما على أن يكون الربح بينهما نصفين فإن كان صاحب الألفين شرط على نفسه العمل فيهما أيضا يصح عندنا وقال الشافعي تفسد الشركة ويكون الربح على قدر المالين ويجب لكل واحد منهما على الآخر اجرة عمله في نصيبه وقال أبو حنيفة إذا كانت الشركة فاسدة لم يجب لواحد منهما اجرة لان العمل لا يقابله عوض في الشركة الصحيحة فكذلك الفاسدة والمعتمد عندنا ان الشركة إذا فسدت كان لكل منهما اجرة مثل عمله كما هو قول الشافعي لان المتشاركين إذا شرطا في مقابلة عملهما ما لم يثبت لم يجب ان يثبت عوض المثل كما لو شرطا في الإجارة شرطا فاسدا أو ما ذكره في الصحيحة فإنما يستحق في مقابلة العمل عوضا لأنه لم يشترط في مقابلته شيئا وفي مسئلتنا بخلافه ولو شرط صاحب الألفين العمل على صاحب الألف خاصة صحت الشركة وكانت شركة وقراضا عند الشافعي ويكون لصاحب الألف ثلث الربح بحق ماله والباقي وهو ثلثا الربح بينهما لصاحب المال ثلاثة أرباعه وللعامل ربعه وذلك لأنه جعل النصف له فجعلنا الربح ستة أسهم منه ثلاثة شرط حصة ماله منها سهمان وسهم هو ما يستحقه لعمله على مال شريكه من حصة مال شريكه أربعة أسهم للعامل سهم وهو الربع وعندنا أنه يكون شركة صحيحة عملا بالشرط ولو كان لرجلين ألفا درهم فاذن أحدهما لصاحبه ان يعمل في ذلك ويكون الربح بينهما نصفين فان هذا ليس بشركة ولا قراض لان الشركة العنان يقتضى ان يشتركا في المال والعمل والقراض يقتضي ان يكون للعامل نصيب من الربح في مقابلة عمله وهنا لم يشترط له فإذا عمل كان الربح بينهما نصفين على قدر المالين وكان عمله في نصيب شريكه معونة له منه وتبرعا لأنه لم يشترط لنفسه في مقابلته عوضا مسألة لو اشتريا عبدا وقبضاه فأصابا به عيبا فأراد أحدهما الامساك والاخر الرد لم يجز وبه قال أبو حنيفة وقال الشافعي يجوز وقد سلف ذلك في كتاب البيوع إذا تقرر هذا فإذا اشترى أحد الشريكين عبدا فوجد به عيبا فان أراد الرد كان لهما وان أراد أحدهما الرد والاخر الامساك فإن كان قد اطلق الشراء ولم يذكرانه يشتريه له ولشريكه لم يكن له الرد لأن الظاهر أنه يشتريه لنفسه فلم يلزم البايع حكما بخلاف الظاهر وإن كان قد اعلمه انه يشتريه بمال الشركة أو له ولشريكه لم يكن لأحدهما الرد وللآخر الأرش على ما تقدم وللشافعية وجهان أحدهما ليس له الرد لأنه انما أوجب ايجابا واحدا فلا يبعض عليه والثاني له الرد لأنه إذا كان يقع الشراء لاثنين كان بمنزلة ان يوجب لهما ولو أوجب لهما كان في حكم العقدين كذا هنا وإذا باع أحد الشريكين عينا من أعيان الشركة وأطلق البيع ثم ادعى بعد ذلك أنه باع ماله ومال شريكه بغير اذنه لم تسمع دعواه لأنه يخالف ظاهر قوله فان ادعى ذلك شريكه كان عليه إقامة البينة انه شريكه
(٢٢٨)