العقد ولا يملكانها ولأنه ان أراد ثمنها الذي اشتراها به فقد خرج عن ملكه وان أراد ثمنها الذي يبيعها به فهو باطل أيضا لان ذلك يكون مضاربة معلقة بشرط وهو بيع الأعيان ويكون عقد الشركة على ما لا يملكانه حال العقد ويكون أيضا عقد الشركة قد وقع على مال مجهول والثالث وهو ان يكون الشركة واقعة على القيمة فإنه باطل أيضا لان القيمة ليست ملكهما وهي مجهولة أيضا ولان القيمة قد تزيد في أحدهما قبل بيعه فشاركه الأخر في ثمن العين التي هي ملكه وهو غلط فانا نقول الشركة تقع في الأعيان والرجوع في المفاضلة كالرجوع عند الامتزاج بغير الاختيار مسألة ويجوز الشركة في العروض التي هي من ذوات الأمثال عند علمائنا وبه قال مالك وللشافعي قولان وعن أحمد روايتان أحدهما مثل ما قلناه لما تقدم والثاني المنع فإنه لا تصح الشركة الا على أحد النقدين كالمضاربة وهو غلط لان هذا مال له مثل فصح عقد الشركة عليه إذا لم يتميز كالنقود ولان هذا يؤمن فيه المعاني السابقة المانعة من الشركة فيما لا مثل له لأنه متى تغيرت قيمة أحدهما تغيرت قيمة الأخر بخلاف المضاربة لأنه ربما زادت قيمة جنس رأس المال فانفرد رب المال بجميع الربح ولان حق العامل محصور في الربح فلابد من تحصيل رأس المال ليوزع الربح وفي الشركة لا حاجة إليه بل كل المال يوزع عليهما على قدر ماليهما مسألة إذا اشتركا فيما لا مثل له كالثياب وحصل المزج الرافع للامتياز تحققت الشركة وكان المال بينهما فان علمت قيمة كل واحد منهما كان الرجوع إلى نسبة تلك القيمة والا تساويا عملا بأصالة التساوي وقال مالك يكون رأس المال بينهما وليس بمعتمد مسألة لا تصح الشركة الا بمزج المالين وعدم الامتياز بينهما عند علمائنا وبه قال زفر فالخلطة شرط في صحة الشركة ومتى لم يخلطاه لم يصح وبه قال الشافعي حتى لو تلف مال أحدهما لم يكن له نصيب في ربح مال الأخر لان مال كل واحد منهما يتلف منه دون صاحبه فلم تنعقد الشركة عليه كما لو كان من المكيل وقال أبو حنيفة ليس من شرط الشركة خلط المالين بل متى اخرجا المالين وان لم يمزجاه وقالا قد اشتركنا انعقدت الشركة لان الشركة انما هي عقد على التصرف فلا يكون من شرطها الخلطة كالوكالة والفرق ظاهر فان الوكالة ليس من شرطها ان يكون من جهة الوكيل مال بخلاف الشركة وقال مالك ليس من شرط الشركة الخلطة والمزج بل من شرطها ان يكون يدهما على المالين أو يد وكيلهما بان يجعل في حانوت لهما أو في يد وكيلهما دون الخلط لان أيديهما على المال فصحت الشركة كما لو خلطاه والفرق ان المال بالخلط يصير مشتركا فيوجد فيه الاشتراك بخلاف ما إذا لم يمتزجا مسألة قد بينا انه لا تصح الشركة الا مع المزج الرافع للامتياز فلو اخرج أحد الشريكين دنانير والاخر دراهم لم ينعقد الشركة وان خلطاهما للامتياز بينهما حالة المزج ولو تلف أحدهما قبل التصرف تلف من صاحبه وتعذر اثبات الشركة في الباقي وبه قال الشافعي وقد سبق دليله وقال أبو حنيفة ينعقد الشركة لأنهما يجريان مجرى الجنس الواحد لأنهما قيم المتلفات وأروش الجنايات ولأنه لا يوجب المزج بل نقول ينعقد الشركة بالقول وان لم يخلطا المالين بان يعينا المال ويحضراه ويقولا قد تشاركنا في ذلك وهو غلط لأنهما مالان لا يختلطان وهما متميزان فلا يصح عقد الشركة عليهما كالعروض وما ذكروه فليس بصحيح لأنهما يجريان في حكم الربا مجرى الجنسين عند جماعة ولأن الاعتبار بما ذكرناه دون الجنس الواحد واحمد وافق أبا حنيفة في عدم اشتراط اتفاق الجنس بل يجوز ان يخرج أحدهما دنانير والاخر دراهم وهو منقول عن الحسن وابن سيرين مسألة ولابد مع اتفاق الجنس من اتفاق الأوصاف بحيث لا يتميز أحدهما عن الأخر فلو تميز مال أحدهما من مال الأخر وأمكن تخليصه منه بعينه بعد المزج لم يصح الشركة بان يختلف السكة أو يخرج أحدهما صحاحا والاخر مكسرة واحدهما مستوية والاخر معوجة أو اخرج أحدهما دراهم عتيقة أو سودا والاخر حديثة أو بيضا لعدم حصول شرط الصحة وهو الاشتباه بعد المزج وقد وافقنا الشافعي في الصحاح والمكسرة ولأصحابه في السوداء والبيضاء قول بالجواز مع اختلافهما بالامرين وقد بينا جواز الشركة في العروض وللشافعي في ذوات الأمثال قولان فعلى الجواز يشترط اتفاق المالين في الجنس والوصف فلو مزج الحنطة الحمراء بالبيضاء لم تصح الشركة لامكان التمييز وان شق وعسر التخليص وقال بعض الشافعية تصح الشركة هنا لان الناس يعدون ذلك خلطاء وهو ممنوع ان أراد المزج الرافع للتمييز وعدم اعتبار غيره مسألة لا يشترط تقدم العقد على الخلط بل لو مزجا المالين ثم اذن كل منهما في التصرف وعقد الشركة صحت المشاركة بينهما سواء وقع الاذن في مجلس المزج أو في غيره وهو أحد وجوه الشافعي لان الشركة في الحقيقة توكيل وتوكل ولو حصل ذلك بعد المزج صح فكذا هنا ولو وجد التوكيل والملكان متميزان ثم فرض الاختلاط لم ينقطع الوكالة نعم لو قدر الاذن بالتصرف في المال الفرد فلابد من تجديد الاذن والوجه الثاني له المنع وهو الاظهر عندهم إذ لا اشتراط عند العقد والثالث انه يجوز ان وقع المزج في مجلس العقد لان المجلس كنفس العقد فان تأخر لم يجز ولو ورثا عروضا أو اشترياها فقد ملكاها شايعة وذلك أبلغ من الخلط بل الخلط انما اكتفى به لإفادته الشيوع فإذا انضم إليه الاذن في التصرف صح وتم العقد مسألة إذا أراد الشريكان الشركة في الأعيان المختلفة الجنس باع كل منهما نصف العين التي له بنصف العين التي لصاحبه أو نقلها إليه بوجه آخر شرعي ثم يأذن كل منهما لصاحبه في التصرف فيصيرا شريكين وانما احتاج إلى الاذن لان عقد البيع الذي حصل بينهما لا يفيد الاذن في التصرف وكذا يتحقق الشركة بينهما لو اشتريا معا سلعة من ثالث بثمن عليهما فيدفع كل واحد منهما العين التي في يده عوضا عما يخصه من الثمن فيكون كل واحد منهما شريكا في العين ثم يأذن كل واحد منهما لصاحبه في التصرف وقال بعض الشافعية انه يصير العرضان مشتركين ويملكان التصرف بحكم الاذن الا انه لا يثبت احكام الشركة في الثمن حتى يستأنفا عقدا وهو ناض وجمهور الشافعية قائلون بثبوت الشركة واحكامها على الاطلاق ولو لم يتبايعا العرضين ولكن باعهما (باعاهما) بعرض أو نقد ففي صحة البيع للشافعية قولان ونحن اخترنا الصحة على ما تقدم فيكون الثمن مشتركا بينهما إما على التساوي أو التفاوت بحسب قيمة العرضين فيأذن كل واحد منهما للاخر في التصرف مسألة لا يشترط في الشركة تساوي المالين في القدر بل يجوز ان يكون مال أحدهما أكثر من مال الأخر وبه قال الحسن والشعبي واحمد وإسحاق وأصحاب الرأي وهو أحد قولي الشافعية لأنهما مالان إذا خلطا اختلطا فجاز عقد الشركة عليهما كما لو كانا سواء وقال بعض الشافعية لا يجوز الشركة حتى يستوي المالان في القدر لان الشافعي شرط ان يخرج أحدهما مثل ما يخرج الأخر ولان الربح يحصل بالمال والعمل ولا يجوز ان يختلف الربح بينهما مع استوائهما في المال فكذا أيضا لا يجوز ان يختلفا في الربح مع استوائهما في العمل فإذا اختلف المالان اختلف الربحان مع التساوي في العمل ونمنع وجوب تساوي الربح مع تساويهما في المال إذا شرطا الاختلاف على ما يأتي ولان العمل لا يشبه المال والأصل كذلك في هذه الشركة المال والعمل يتبع فيه فلهذا جاز ان يختلف معه الربح يدل على صحة هذا انه يجوز ان يعمل أحدهما أكثر من الأخر ويقتسما الربح وكذلك
(٢٢٢)