على المستعير لان المال حصل في يده في جهة مضمونة ثم إن تساوت القيمة في يده ويد الغاصب فلا بحث وان تفاوتت فإن كانت قيمتها في يد المستعير يوم التلف أكثر فان رجع المالك بها على المستعير لم يرجع المستعير بها على المعير قولا واحدا لان العارية مضمونة على المستعير وإن كانت قيمتها في يد المعير أكثر لم يطالب المالك المستعير بالزيادة لأنها تلفت في يد المعير ولم يحصل في يده وانما يطالبه بالزيادة المعير لأنها تلفت في يده وإذا طالب المالك بغرامة المنافع فان طالب المستعير غرمها بالمنفعة التي تلفت تحت يده قرار ضمانها على المعير لان يد المستعير الجاهل في المنافع ليست يد ضمان والتي استوفاها بنفسه الأقوى ان الضمان يستقر عليه لأنه مباشر للاتلاف وهو أظهر قولي الشافعي والثاني ان الضمان على المعير لأنه غره والمستعير من المستأجر من الغاصب حكمه حكم المستعير من الغاصب ان قلنا بان المستعير من المستأجر ضامن والا فيرجع بالقيمة التي غرمها على المستأجر ويرجع المستأجر على الغاصب مسألة لو انفذ وكيله إلى موضع وسلم إليه دابة ليركبها إليه في شغله فتلفت الدابة في يد الوكيل من غير تعد لم يكن عليه ضمان وهو ظاهر عندنا فانا لا نوجب الضمان على المستعير واما الشافعي القائل بالضمان فإنه نفاه هنا أيضا لان الوكيل لم يأخذ الدابة لغرض نفسه بل لنفع الموكل فالمستعير في الحقيقة المالك وكذا لو سلم الدابة إلى الرايض ليروضها فتلفت لم يضمن لأنه في مصلحة المالك وكذا لو كان له عليها متاع فاركب انسانا غيره فوق ذلك المتاع ليحفظه ويحترز عليه فتلفت الدابة لم يكن على الراكب ضمان لأنه في شغل المالك ولو وجد ماشيا في الطريق قد تعب من المشي فاركبه دابته فعندنا لا ضمان إذا لم يتعد بناء على أصلنا من عدم تضمين العارية واما عند الشافعي فالمشهور ان الراكب يضمن سواء التمس الراكب الركوب للاستراحة أو ابتدأ المالك باركابه لأنها عارية محضة والعارية على أصله مضمونة وقال الجويني من الشافعية انه لا يضمن الراكب لان القصد من هذه العارية التصدق والقربة والصدقات في الأعيان تفارق الهبات الا ترى انه يرجع في الهبة ولا يرجع في الصدقة فلذلك يجوز ان يفارق العارية التي هي صدقة وسائر العواري في الضمان ولو اركبه مع نفسه فلا ضمان عندنا على الرديف وعلى قول الشافعي انه يضمن النصف وقال الجويني لا يلزمه شئ تشبيها له بالضيف وعلى الأول لو وضع متاعه على دابة غيره وامر ان يسير بالدابة ففعل كان صاحب المتاع مستعيرا من الدابة بقسط متاعه مما عليها حتى لو كان عليها مثل متاعه وتلفت ضمن نصف الدابة ولو لم يقل صاحب المتاع سيرها ولكن سيرها المالك لم يكن صاحب المتاع مستعيرا وضمن صاحب الدابة المتاع لأنه كان من حقه ان يطرح المتاع ولو كان لاحد الرفيقين في السفر متاع وللآخر دابة فقال صاحب المتاع للاخر احمل متاعي على دابتك ففعل فصاحب المتاع مستعير لها ولو قال صاحب الدابة اعطني متاعك لأضعه على الدابة فهو مستودع للمتاع ولا يدخل الدابة في ضمان صاحب المتاع في الصورتين عندنا وفي الثانية عند الشافعي مسألة يجوز استعارة الدابة للركوب والحمل سواء اطلق أو قيد بالزمان أو المنفعة وان يستعيرها ليركبها لان يجوز اجارتها لذلك والإعارة أوسع لجوازها فيما لا يجوز اجارته فان استعارها إلى موضع فتجاوزه فقد تعدى في العارية من وقت المجاوزة وكان ضامنا من حين العدوان ومطلقا عند الشافعي فإذا استعارها من بغداد إلى الحلة فتجاوزها إلى الكوفة فعليه اجرة ما بين الحلة والكوفة ذهابا وعودا وهل يلزمه الأجرة من ذلك الموضع الذي وقع فيه العدوان وهو الحلة إلى أن يرجع إلى البلد الذي استعار منه وهو بغداد الأقرب العدم لأنه مأذون فيه من جهة المالك وهو أحد وجهي الشافعية والثاني اللزوم لان ذلك الاذن قد انقطع بالمجاوزة وهو ممنوع إذا عرفت هذا فلو شرط الضمان في العارية أو اطلق وقلنا بضمان العواري فان الدابة تكون مضمونة عليه إلى الحلة ضمان العارية ولا اجرة عليه لأنه مأذون له في ركوبها فإذا جاوز ضمنها ضمان الغصب ووجب عليه اجرة منافعها فإذا ردها إلى الحلة لم يزل عنه الضمان وبه قال الشافعي وأبو حنيفة يقول إنها أمانة إلى الحلة فإذا جاوزها كانت مغصوبة فإذا ردها إلى الحلة لم يزل ضمان الغصب بخلاف قوله في الوديعة إذا أخرجها من حرزها ثم ردها إليه إذا ثبت هذا فعلى قول الشافعي بانقطاع الاذن من حين التعدي ليس له الركوب من الحلة إلى بغداد بل يسلم الدابة إلى حاكم الحلة الذي استعار إليه مسألة إذا دفع إليه ثوبا وقال إن شئت ان تلبسه فالبسه فهو قبل اللبس وديعة وبعده عارية وهو المشهور عند الشافعية ولهم وجه اخر مخرج من السوم انه مقبوض على توقع الانتفاع فكما ان المأخوذ على سبيل السوم مقبوض على توقع عقد ضمان كذا هنا قال هذا القائل لو قيل لا ضمان في السوم أيضا تخريجا مما نحن فيه لم يبعد ولو استعار عنه صندوقا فوجد فيه شيئا فهو أمانة عنده كما لو طير الريح الثوب في داره فلا ضمان فيه وإن كانت العارية مضمونة الا مع التفريط أو التعدي مسألة قد بينا انه لا يجوز للمحرم ان يستعير الصيد فان استعاره من المحل لم يجز فان قبضه ضمنه لقوله تعالى بالجزاء ولصاحبه ضمان العارية فان استعار محل من محرم صيدا كان يملكه قبل ان يحرم كان ذلك مبنيا على القولين في زوال ملكه عنه بالاحرام فان قلنا لما أحرم زال ملكه فقد وجب عليه ارساله فإذا دفعه إلى المحل لم يجز له الا ان المحل لا يضمنه له لأنه ليس يملكه ولا يضمنه لله تعالى لأنه مأذون له في اتلاف الصيد الا انه إذا تلف ضمنه المحرم لأنه تلف بسبب من جهته وهو تسليمه إلى المحل وان قلنا ببقاء ملك المحرم فيه جاز له اعارته ويكون مضمونا على المحل ضمان العارية لصاحبه ولو كان المحرم في الحرم والصيد فيه لم يجز له اعارته ولا للمحل استعارته مسألة إذا رد المستعير العارية إلى مالكها أو إلى وكيله برئ من ضمانها وان ردها إلى ملك مالكها بان حمل الدابة إلى اصطبل المالك وأرسلها فيه أو رد آلة الدار إليها لم يزل عنه الضمان وبه قال الشافعي بل عندنا ان لم يكن العارية مضمونة فإنها تصير بهذا الرد مضمونة لأنه لم يدفعها إلى مالكها بل فرط بوضعها في موضع لم يأذن له المالك بالرد إليه كما لو ترك الوديعة في دار صاحبها فتلفت قبل ان يتسلمها المالك لأنه لم يردها إلى صاحبها ولا إلى من ينوب عنه فلم يحصل به الرد كما لو ردها إلى أجنبي قال أبو حنيفة إذا ردها إلى ملك المالك صارت كأنها مقبوضة لان رد العواري في العادة تكون إلى املاك أصحابها فيكون ذلك مأذونا فيه من طريق العادة وهو غلط لأنه يبطل بالسارق إذا رد المسروق إلى الحرز ولا نعرف العادة التي ذكرها فيبطل ما قاله المبحث الثالث في التنازع مسألة إذا اختلف المالك والمستعير فقال المالك اجرتك هذه العين مدة كذا بكذا وقال المستعير بل أعرتنيها والعين باقية بعد انقضاء المدة بأسرها أو بعضها مما له اجرة في العادة قال الشيخ (ره) في الخلاف القول قول المستعير وبه قال أبو حنيفة لأنهما اتفقا على أن تلف المنافع كان على ملك المستعير لان المالك يزعم أنه ملكها بالإجارة والمستعير يزعم أنه ملكها بالاستيفاء لان المستعير يملك بذلك وقد ادعى على عوض ما تلف على ملكه والأصل عدم وجوبه فكان القول قوله ولان الأصل براءة الذمة والمالك يدعي شغلها فيحتاج إلى البينة وقال المالك القول قول المالك مع اليمين لان المنافع جارية مجرى الأعيان وقد ثبت انه لو كان أتلف عليه عينا كما لو اكل طعامه وقال كنت أبحته لي وأنكر المالك فان القول قول المالك أو كانت في يده وادعى انه وهبها منه وأنكر صاحبها ذلك وادعى انه باعها منه ان القول قول صاحبها كذا هنا ولان المنافع تابعة للاعيان
(٢١٦)