في الملك فهي بالأصالة لمالك العين فادعا المستعير التفرد بالملكية لها على خلاف الأصل فيحتاج إلى البينة واما الشافعي فقد قال في كتاب العارية انه إذا اختلف مالك الدابة وراكبها فقال صاحبها آجرتكها بكذا وقال الراكب أعرتنيها ولا اجرة لك علي فالقول قول الراكب وقال في كتاب المزارعة ولو اختلف الزارع وصاحب الأرض وادعى صاحب الأرض انه اجره إياها وادعى الزارع انه اعاره إياها ان القول قول صاحب الأرض واختلف أصحابه في ذلك فقال أبو إسحاق وجماعة انه لا فرق بين المسئلتين وان فيها قولين ونقلوا جوابه من كل واحدة منهما إلى الأخرى ومنهم من قال إن المسئلتين مختلفتين وفرق بينهما بان العادة جارية بان الدواب تعار فكان الظاهر من الراكب ولم تجر العادة باعارة الأرضين فكان الظاهر مع صاحبها قال الأولون هذا ليس بصحيح لان مثل هذه العادة لا اعتبار بها في التداعي ولهذا اختلف العطار والدباغ في آلة العطر لا يرجح قول العطار وإن كانت العادة جارية بان آلة العطار لا تكون للدباغ وفرقوا بين هذه المسألة وبين ما إذا غسل ثوبه غسال أو خاطه خياط ثم قال فعلته بالأجرة وقال المالك بل فعلت ذلك مجانا فان القول قول المالك مع يمينه قولا واحدا لان الغسال فوت منفعة نفسه ثم ادعى لها عوضا على الغير وهناك المتصرف فوت منفعة مال الغير وأراد اسقاط الضمان عن نفسه فلم يقبل إذا عرفت هذا فان قلنا القول قول المستعير فحلف على نفي الإجارة كفاه وسقط عنه المطالبة ورد العين وان نكل حلف المالك واستحق بيمينه المسمى لان اليمين مع النكول إما ان يكون بمنزلة البينة أو الاقرار وأيهما كان يثبت به المسمى وهو قول أكثر الشافعية ولهم وجه اخر ضعيف انه يستحق أجرة المثل لان الناكل ينفي أصل الإجارة فيقع يمين المدعي على اثباته وليس هذا الوجه عندي بعيدا من الصواب وان قلنا القول قول المالك مع يمينه فإنه يحلف على نفي الإعارة التي تدعي عليه ولا يتعرض لاثبات الإجارة لأنه مدع فيها وهو قول بعض الشافعية فحينئذ إذا حلف على نفي الإعارة فالأقوى عندي ان المستعير يحلف على نفي الإجارة فإذا حلف ثبت للمالك أقل الأمرين من أجرة المثل والمسمى لأنه إن كانت أجرة المثل أقل فهو لم يقم حجة على الزيادة وإن كان المسمى أقل فقد أقر بأنه لا يستحق الزيادة وقال بعض الشافعية إذا حلف المالك على نفي الإعارة استحق أقل الأمرين من أجرة المثل والمسمى ان لم يحلف المستعير قال وان قلنا إن المالك يحلف على اثبات الإجارة ونفي الإعارة ويجمع بينهما في يمينه ففيما يستحقه وجهان أحدهما المسمى اتماما لتصديقه وأظهرهما وهو مقتضى منصوص الشافعي في الام أجرة المثل لأنهما لو اتفقا على الإجارة واختلفا في الأجرة كان الواجب أجرة المثل فإذا اختلفا في أصل الإجارة كان أولي والجويني حكى الوجه الثاني على غير ما ذكر بل حكى بدله انه يستحق أقل الأمرين لما تقدم قال والتعرض للإجارة على هذا ليس لاثبات المال الذي يدعيه لكن لينتظم كلامه من حيث إنه اعترف بأصل الاذن فحصل فيما يستحقه ثلاثة أوجه ولو نكل المالك عن اليمين المعروضة عليه لم ترد اليمين على الراكب والزارع لأنهما لا يدعيان حقا على المالك حتى يثبتاه باليمين وانما يدعيان الإعارة وليست حقا لازما على المعير وقال بعض الشافعية انها ترد ليتخلص من الغرم مسألة لو وقع هذا الاختلاف عقيب العقد قبل انقضاء مدة لمثلها اجر فالقول هنا قول المستعير مع اليمين فإذا حلف على نفي الإجارة سقط عنه دعوى الأجرة واسترد المالك العين وان نكل حلف المالك اليمين المردودة واستحق الأجرة وهذا قول الشافعي أيضا ولا قول له سواه لان الراكب هنا لا يدعي لنفسه حقا ولا أتلف المنافع على المالك والمدعي في الحقيقة هنا هو المالك وإذا تمحضت الدعوى له لم يتعدد قوله كما يتعدد في الصورة الأولى لان المنافع هناك تلفت تحت يد الراكب وكان القول بسقوطها مجانا بعيدا فلهذا كان له في الصورة الأولى قولان مسألة لو حصل هذا الاختلاف بعد تلف العين فان تلفت عقيب الاخذ قبل ان يثبت لمثلها اجرة وشرط في العارية الضمان أو قلنا به على مذهب القائلين بضمان العارية فلا معنى للاختلاف لان صاحبها يدعي الإجارة وقد انفسخت بتلفها فالمستعير يقر بالقيمة ويعترف باستحقاقها في ذمته والمالك ينكرها ليس للمالك حينئذ المطالبة بها ولو لم نقل بالضمان في العارية ولا شرطه المالك فلا بحث هنا لان كل واحد منهما يعترف ببرائة ذمة المستعير وان تلفت بعد مضي مدة لمثلها اجرة مع شرطه الضمان أو القول به فالمستعير يقر بالقيمة والمالك ينكرها ويدعي الأجرة فتبنى على الخلاف بين العامة في أن اختلاف الجهة هل يمنع الاخذ ان قلنا نعم سقطت القيمة برده والقول في الأجرة قول المالك أو المستعير على الخلاف الذي تقدم في الحالة الأولى وان قلنا إن اختلاف الجهة لا يمنع الاخذ فإن كانت الأجرة مثل القيمة أو أقل اخذها بغير يمين وإن كانت أكثر اخذ قدر القيمة وفي المصدق في الزيادة الخلاف المتقدم مسألة لو انعكس هذا الاختلاف فادعى المالك الإعارة والمتصرف الإجارة فإن كانت العين باقية وكان الاختلاف عقيب التسليم قبل مضي مدة لمثلها اجرة كان القول قول المالك لان المتصرف يدعي عليه عقدا واستحقاق منفعة والمالك ينكره وإذا لم يكن بينة كان القول قول المنكر مع اليمين ثم تسترد العين وان نكل حلف المتصرف واستحق المنفعة المدة والامساك طولها وإن كان بعد مضي مدة الإجارة فلا معنى للاختلاف لأنهما اتفقا على وجوب ردها والمتصرف يقر للمالك بالأجرة والمالك ينكرها وإن كان بعد مضي المدة فالقول قول المالك لان الأصل عدم استحقاق الغير منفعة مال الغير فإذا حلف على نفي الإجارة اخذ العين وليس له مطالبته بالأجرة عما مضى من المدة لأنه ينكرها والمتصرف معترف له بها هذا إذا كان الاختلاف والعين باقية واما ان اختلفا والعين تالفة فإن كانت الاختلاف عقيب القبض قبل انقضاء مدة لمثلها اجرة فالمالك هنا يدعي قيمتها على المتصرف مع شرط الضمان عندنا ومطلقا عند الشافعي والمتصرف ينكرها فيقدم هنا قول المالك مع اليمين لأنهما اختلفا في صفة القبض والأصل فيما يقبضه الانسان من مال غيره الضمان لقوله (ع) على اليد ما أخذت حتى تؤديه وإن كان الاختلاف بعد مضي المدة فالمتصرف يقر بالأجرة والمالك يدعي عليه القيمة في المضمونة فإن كانت القيمة بقدر الأجرة دفع إليه من غير يمين لاتفاقهما على استحقاق ذلك المقدار وهو قول بعض الشافعية وقال بعضهم لا يثبت الأجرة لأنه لا يدعيها ويكون القول قوله في وجوب القيمة وإن كانت أقل كان في قدرها الوجهين وإن كانت أكثر كان قدر الأجرة منهما على الوجهين والباقي يستحقه بيمينه فإن كان التلف في أثناء المدة فقد أقر له ببعض الأجرة وهو يدعي القيمة والحكم في ذلك على ما ذكر مسألة لو ادعى المالك الغصب والمتصرف الإعارة والعين باقية قايمة ولم يمض مدة لمثلها اجرة فلا معنى لهذا الاختلاف إذا لم تفت العين فلا المنفعة ويرد التصرف العين إلى المالك وان مضت مدة لمثلها اجرة فالأقوى ان القول قول المالك مع يمينه لما تقدم من أصالة تبعية المنافع للاعيان في التملك فالقول قول من يدعيها مع اليمين وعدم البينة لان المتصرف يدعي انتقال المنفعة إليه بالإعارة وبراءة ذمته من التصرف في مال الغير فعليه البينة وقال الشيخ (ره) في الخلاف القول قول المتصرف وهو أحد أقوال الشافعي نقله المزني عنه لان المالك يدعي عليه عوضا والأصل براءة ذمته منه ولان الظاهر من اليد انها بحق فكان القول قول صاحبها وليس بجيد لما بينا من أصالة تبعية المنافع للاعيان ولأصالة عدم
(٢١٧)