ابنين بالغين فاقر أحدهما باخ ثالث لم يستقل بالاقرار ولم يثبت النسب ان لم يوافقه ولو كان للثالث مشاركة المقر في الميراث دون الأخر وانما لم يثبت نسبه لان المنكر يقدم قوله مع عدم البينة فلا يثبت النسب بالنسبة إليه ولا بالنسبة إلى المقر أيضا لان النسب لا يتبعض بل يشارك بالنسبة إلى حصة المقر فيأخذ ثلث ما في يده وهو فضل ما في يد المقر عن ميراثه ولا فرق بين ان يقر أحدهما باب أو أخ ونقل الجويني وجها اخر انه ينفرد ويحكم بثبوت النسب في الحال لان أمر النسب خطير فالظاهر من حال كامل الحال من الورثة انه يعتني به ولا يجازف فيه فلو كان أحد الولدين صغيرا وأقر البالغ فعلى ما اخترناه من عدم ثبوت النسب بقول الواحد وهو قول أكثر الشافعية ينتظر بلوغ الصبي فإذا بلغ ووافق البالغ ثبت النسب حينئذ وان مات قبل البلوغ فإن لم يكن الميت قد خلف سوى المقر ثبت النسب ولا يحتاج إلى تجديد الاقرار وان خلف ورثة سواه اعتبر موافقتهم فإن كان أحد الوارثين مجنونا فهو كما لو كان أحدهما صبيا مسألة لو خلف وارثين بالغين رشيدين فاقر أحدهما بوارث ثالث وأنكر الأخر قال الشافعي الذي احفظه من قول المدنيين فيمن خلف ابنين فاقر أحدهما باخ ان نسبه لا يلحق ولا يأخذ شيئا لأنه أقر له بمعنى إذا ثبت ورث وورث فإذا لم يثبت ذلك عليه حق لم يثبت هنا قال وهذا أصح ما قيل عندنا وقد عرفت ان الذي نصير نحن إليه ثبوت الميراث بالنسبة إلى المقر فيأخذ ما فضل عن نصيبه مما في يده خاصة واما عدم النسب فاجماع لان النسب لا يتبعض فلا يمكن اثباته في حق المقر دون المنكر ولا يمكن اثباته في حقهما لان شهادة الواحد لا يثبت بها نسب إذا عرفت هذا فان المقر له يشارك المقر في الميراث بالنسبة فلو كان الميت قد خلف ابنين فاقر أحدهما بثالث وأنكر الأخر فالتركة في قول المنكر نصفان بينه وبين المقر وفي قول المقر أثلاث وفي يده النصف فيدفع منه السدس الذي (فضل)؟ في يده إلى الثالث ويكون للمقر الثلث وللمنكر النصف وللثالث السدس عند علمائنا أجمع وبه قال مالك وابن أبي ليلى لأنه أقر بمال متعلق بسبب لم يحكم ببطلانه فوجب ان يلزمه المال كما لو أقر بيع شقص له وأنكر المشتري وحلف فان الشفعة تثبت فيه وكذا لو أقر بدين على أبيه وانكره الأخر وقال أبو حنيفة واحمد يأخذ الثالث نصف ما في يد المقر وقال الشافعي ليس للمقر له شئ من الميراث لا من حصة المقر ولا من أصل التركة وبه قال ابن سيرين لأنه أقر بنسب لم يثبت فوجب ان لا يثبت له ميراث كما لو أقر بنسب معروف النسب والملازمة ممنوعة والفرق ظاهر بين مشهور النسب وغيره مسألة لو أقر أحد الولدين الرشيدين بثالث وأنكر الأخر ثم مات المنكر ولم يخلف الا أخاه المقر فالأقرب انه يثبت النسب والميراث وبه قال الشافعية في أظهر الوجهين لان جميع الميراث قد صار له والثاني لهم المنع لان اقرار الفرع مسبوق بانكار الأصل ويجري هذا الخلاف فيما إذا خلف المنكر غير المقر وارثا فاقر ذلك الوارث والوجهان عند بعض الشافعية مبنيان على الوجهين في استلحاق من نفاه المورث ولو أقر أحد الابنين وسكت الأخر ثم مات الساكت وخلف ابنا وأقر الابن ثبت النسب قطعا عندنا وهو ظاهر وكذا عند الشافعي لان اقراره غير مسبوق بتكذيب الأصل مسألة إذا مات وخلف ابنا بالغا رشيدا لا ولد له مشهور سواه فاقر الابن باخوة مجهول النسب وأنكر المجهول نسب المعروف المقر له لم يلتفت إلى انكاره ولم يتأثر بقوله نسب المشهور وهو قول أكثر الشافعية وفيه وجه اخر لهم ان المقر يحتاج إلى البينة على نسبه لأنه قد اعترف بنسب مجهول وقد أنكر المجهول نسب المقر فالمجهول يثبت نسبه باقرار المنفرد في الميراث لكن الأول أصح عندهم وفي ثبوت نسب المجهول عند الشافعية وجهان المنع لان المقر ليس بوارث بزعمه والثاني وهو الأصح عندهم وعندنا انه يثبت لأنا قد حكمنا بأنه وارث حايز للتركة ولو أقر باخوة مجهول ثم إنهما معا اقرا بثالث وأنكر الثالث نسب الثاني ففي سقوط نسب الثاني للشافعية وجهان أصحهما عندهم السقوط لأنه ثبت نسب الثالث فاعتبر موافقته لثبوت نسب الثاني ولو أقر باخوة مجهولين وصدق كل واحد منهما الأخر ثبت نسبهما فان كذب كل واحد منهما الأخر فللشافعية وجهان أصحهما عندهم ثبوت النسبين لوجود الاقرار ممن يجوز التركة وان صدق أحدهما الأخر وكذبه الأخر ثبت نسب المصدق دون المكذب هذا إذا لم يكن المجهولان توأمين فان كانا توأمين فلا اثر لتكذيب أحدهما الأخر فإذا أقر الوارث بأحدهما ثبت نسب كليهما مسألة لو أقر بنسب من يحجب المقر كما إذا مات عن عم أو أخ فاقر بابن للميت فللشافعية وجهان أحدهما انه لا يثبت نسبه والا لزم الدور ولأنه لو ثبت لورث ولو ورث لحجب المقر ولو حجب لخرج عن أهلية الاقرار فإذا بطل الاقرار بطل النسب وأصحهما عندهم وهو مذهبنا انه يثبت النسب لان ثبوت النسب بمجرده لا يرفع الاقرار وانما يلزم ذلك من التوريث وسيأتي البحث فيه ثم التوريث قد ينتفي لأسباب وتوابع فلا يبعد ان يكون هذا منها وعندنا ان المقر به يرث وسيأتي مسألة المقر به لا يخلو إما ان يحجب المقر عن الميراث أو لا يحجب أو يحجب بعض الورثة المقرين دون بعض فإن لم يحجب المقر اشتركا في التركة على فريضة الله تعالى ولو أقر أحد الابنين المستغرقين باخ وأنكر الأخر فالذي ذهبنا إليه ان المقر له يرث السدس يأخذه من نصيب المقر وظاهر مذهب الشافعي وهو منصوصه انه لا يرث لان الإرث فرع النسب وانه غير ثابت كما سبق فإذا لم يثبت الأصل لم يثبت الفرع وعن بعض الشافعية ان المقر به يرث فيشارك المقر فيما في يده وهو منسوب إلى ابن شريح وبه قال أبو حنيفة ومالك واحمد وقد تقدم بيانه مسألة لو خلف الميت ابنين فقال أحدهما فلانة بنت أبينا وأنكر الأخر حرم على المقر نكاحها وإن كان ذلك فرع النسب الذي لم يثبت ولو قال أحدهما ان العبد الذي في التركة ابن أبينا لم يثبت النسب لعدم الاتفاق لكن الأقرب انه يعتق لاقراره بأنه حر فيثبت عتق نصيبه ولا يسري لأنه لم يباشر العتق فلا يقوم عليه وللشافعية في الحكم بعتقه وجهان ولو قال أحد شريكي العقار لثالث بعت منك نصيبي فأنكر لا يثبت الشراء وفي ثبوت الشفعة للشريك خلاف ولو قال لزيد على عمرو كذا وانا به ضامن فأنكر عمرو ففي مطالبة المقر بالضمان خلاف والأصح عند الشافعية المطالبة ولو اعترف الزوج بالخلع وأنكرت المراة ثبتت البينونة وان لم يثبت المال الذي هو الأصل فعلى ظاهر مذهب الشافعية فهذه الاحكام في ظاهر الحكم واما في الباطن فهل على المقر إذا كان صادقا ان يشركه فيما في يده فيه وجهان أحدهما لا كما في الظاهر والثاني نعم وهو الصحيح عندهم لأنه عالم باستحقاقه فيحرم عليه منع حقه منه وعلى هذا فيما يشركه فيه وجهان أحدهما بنصف ما في يده لان قضية ميراث البنين التسوية فلا يسلم لأحدهم شئ الا ويسلم للاخر مثله والثالث بزعمهما غصبهما بعض حقهما وبه قال أبو حنيفة وأصحهما عندهم ما ذهبنا نحن إليه وهو قول مالك واحمد بثلث ما في يده لان حق الثالث بزعم المقر شايع فيما في يد صاحبه فله الثلث من هذا والثلث من ذاك ويقال الوجهان مبنيان على القولين فيما إذا أقر أحد الابنين بدين على أبيه وأنكر الأخر هل على المقر توفية جميع الدين مما في يده أم لا يلزمه الا القسط فان قلنا بالثاني وهو مذهبنا لم يلزمه الا الثلث لجعلنا الحق الثابت بالاقرار شايعا في التركة ولكل واحد من الوجهين عبارة تجري مجرى الضابط لأخوات هذه الصورة فالعبارة على وجه النصف انا ننظر في أصل المسألة على قول المنكر ونصرف إليه نصيبه منها ثم نقسم الباقي بين المقر والمقر به فان انكسر صححناه بالضرب واصل المسألة في الصورة التي نحن فيها اثنان على قول المنكر ندفع إليه واحدا منها يبقى واحد لا ينقسم على اثنين فنضرب اثنين في أصل المسألة يكون أربعة سهمان منها للمنكر ولكل واحد من الآخرين سهم وعلى الوجه الذي حكمنا فيه بالثلث نأخذ أصل المسألة على قول المنكر
(١٧٣)