وللشافعية فيه وجهان والحكم في ذلك كما تقدم في الوكالة مسألة إذا ادعى الوكيل الرد إلى الموكل فالأقوى انه يفتقر إلى البينة وقسم الشافعية الامناء في ذلك على ثلاثة اضرب منهم من يقبل قوله في الرد مع يمينه وهم المودعون والوكلاء بغير جعل ومنهم من لا يقبل قوله في الرد الا ببينة وهم المرتهن والمستأجر ومنهم من اختلف فيه على وجهين وهم الوكلاء بجعل والشريك والمضارب والأجير المشترك إذا قلنا إنه امين أحدهما انه لا يقبل قولهم في الرد لانهم قبضوا المنفعة أنفسهم فصاروا كالمرتهن والمستأجر والمستعير والثاني انه لا منفعة لهم في العين المقبوضة لان الوكيل ينتفع بالجعل دون العين التي قبضها وكذلك الشريك والمضارب ينتفعون بالربح وعوض عملهم بخلاف المرتهن فإنه يتوثق بالعين وكذلك المستأجر فإنه يستوفي منفعتها فافترقا مسألة لو ادعى الوكيل بيع العين التي اذن الموكل له في بيعها فقال الموكل لم تبعها أو يدعي قبض الثمن من المشتري فيصدقه في الاذن وينكر قبضه إياه فللشافعي قولان أحدهما يقبل اقرار الوكيل في ذلك وبه قال أبو حنيفة الا ان أبا حنيفة ناقض في مسألة وهي إذا قال لوكيله زوجني من امرأة فاقر الوكيل انه تزوجها له وادعت ذلك المراة وأنكر الموكل العقد ولم يقبل قول الوكيل قال لأنه يمكنه البينة على النكاح لأنه لا يعقد حتى يحضر البينة والثاني للشافعي انه لا يقبل اقراره على موكله لان الوكيل يقر بحق لغيره على موكله فلم ينتقل إليه كما لو أقر بدين عليه أو أبرأ من حق وهذا يلزم عليه اقرار أب البكر فأما أبو حنيفة فلا يصح ما فرق به لان النكاح عنده ينعقد بفاسقين ولا يثبت بهما وقد تموت الشهود وتتعذر البينة مسألة إذا وكله في البيع وقبض الثمن فقبضه كان أمانة في يده قبل ان يطالبه الموكل فإذا لم يسلمه إليه لم يضمنه بتأخيره عنده وان يطالبه وجب عليه رده على حسب امكانه فان أخر لعذر مثل ان يكون في الحمام أو يأكل الطعام أو يصلي وما أشبه ذلك لم يصر مفرطا لأنه لا يلزمه في رد الأمانة ما يضر به فان تلفت الوديعة قبل زوال عذره أو بعد زوال عذره حال اشتغاله بردها فلا ضمان لما بيناه وان اخر بغير عذر ضمن سواء تلفت قبل مضي زمان امكان الرد أو لم يمض لأنه خرج من الأمانة بمنعه الدفع من غير عذر ولو طالبه الموكل بالدفع فوعده به ثم ادعى انه كان قد تلف قبل مطالبته أو قال كنت رددته قبل مطالبته لم يقبل قوله لأنه مكذب لنفسه وضامن في الظاهر بدفعه فان أقام البينة احتمل سماعها لان الموكل لو صدقه على ما أدعاه سقط عنه الضمان فإذا أقام البينة على ذلك قبل وعدمه لأنه يكذب بينته فإنه كان وعده بدفعه إليه وإذا كذب بينته لم تسمع له ويفارق ما إذا صدقه فإنه إذا صدقه فقد أقر ببراءته فلم يستحق مطالبته وان ادعى انه تلف بعد ما دفعه عن تسليمه أو انه رده إليه لم يقبل قوله لأنه صار بالدفع ضامنا ولا يقبل قوله في الرد لأنه خرج من الأمانة فيحتاج إلى بينة بذلك وللشافعية وجهان كالاحتمالين فإن كان قد تلف قبل ان منعه ولم يعلم فلا ضمان عليه وللشافعية وجه اخر انه يضمن كأنه لما منعه تبينا انه كان ممسكا على نفسه وليس بشئ مسألة لو دفع إلى وكيله عينا وأمره بايداعها عند زيد فاودعها وأنكر زيد فالقول قوله مع اليمين فإذا حلف برئ واما الوكيل فإن كان قد سلمها بحضرة الموكل لم يضمن وإن كان بغيبته ففي الضمان اشكال وللشافعية وجهان أحدهما يضمن كما في الدين لان الوديعة لا تثبت الا بالبينة والثاني لا يضمن لان الودعي إذا ثبت عليه البينة بالايداع كان القول قوله في التلف والرد فلم تفد البينة شيئا بخلاف الدين لان القضاء لا يثبت الا بها وان صدقه المودع وادعى التلف وحلف لم يضمنها واما الوكيل فان سلم بحضرة الموكل لم يضمن وان سلم في غيبته فالوجهان فأما إذا قال الوكيل دفع بحضرتك وقال الموكل لم يدفع بحضرتي أو قال لم تدفعها إلى المودع وقال دفعتها على الوجه الذي يقول لا يضمن إذا دفع بغير اشهاد قال بعض الشافعية القول قول الوكيل مع اليمين كما إذا ادعى الرد إليه وانكره ولا يشبه هذا إذا أقر بأنه باع أو قبض وأنكر الموكل فإنه لا يقبل قوله في أحد القولين لأنه يثبت حقا على موكله لغيره وهنا يسقط عن نفسه الضمان بما ذكره فكان القول قوله مع يمينه فيه مسألة إذا دفع إلى وكيله دراهم ليشتري له بها شيئا فاستقرضها الوكيل وأخرجها بطلت الوكالة لأنه إن كان امره بان يشتري له بعين تلك الدراهم فقد تعذر بتلفها كما لو مات العبد الموكل ببيعه وإن كان قد وكله في الشراء مطلقا ونقد الدراهم في الثمن بطلت أيضا لأنه انما امره بالشراء على أن ينقد ذلك الثمن فإذا تعذر نقد ذلك لم يكن له ان يشتري وقال أبو حنيفة لا تفسد الوكالة ولا يتعين الشراء بتلك الدراهم ويجوز ان يشتري من مال نفسه ويأخذ الدراهم وهو غير صحيح لأنه وكله في الشراء بتلك الدراهم فإذا تلف سقط الاذن كما قلناه في العبد فان اشترى للموكل بمثل تلك الدراهم من مال نفسه فإذا أضاف العقد إليه لم يصح والا وقع الشراء له لا للموكل لأنه اشترى لغيره شيئا بعين مال نفسه لأنه لا يصح ان يقبض للموكل من نفسه بدل المال الذي أتلفه والثاني انه اشترى له بغير المال الذي عينه وان اشترى له في الذمة وقع أيضا للوكيل لأنه على غير الصفة التي اذن له فيها ويجب على الوكيل رد مثل الدراهم التي قبضها من الموكل تذنيب إذا دفع إليه دراهم ليشتري بها سلعة ولم ينص على الشراء بالعين بل ينقدها عن الثمن الذي يشتري به فاشترى في الذمة على أنه ينفذ تلك الدراهم كما امره الموكل صح الشراء فان استقرض بعد ذلك الدراهم وأخرجها وجب عليه دفع عوضها في الثمن ولم يخرج المبيع عن ملك الموكل بالتفريط اللاحق مسألة إذا وكله في شراء عبد بدراهم في الذمة ثم دفع إليه دراهم لينقدها في الثمن ففرط فيها بان ترك حفظها ضمنها فإذا اشترى العبد صح الشراء قولا واحدا لأنه لم يتعد فيما تناوله العقد فإذا نقد تلك الدراهم بعينها برئ من ضمانها ولا فرق في ذلك بين من قال إن الوكيل بالتعدي يخرج من الأمانة وفي صحة بيعه وجهان عنده وبين من قال إنه يصح بيعه مع التعدي لا يقال لم لا يبطل بيعه عند القايل بعدم صحة بيع الوكيل إذا تعدى لأنا نقول انما يخرج من الأمانة فيما تعدى فيه فإنه لو استودع شيئين ففرط في أحدهما لم يضمن الآخر ولم يخر ج من حكم الأمانة جملة كذا هنا مسألة لو وكله في تزويج امرأة فزوجه غيرها بطل العقد عند العامة أو كان فضوليا عندنا لان من شرط صحة النكاح ذكر الزوج فإذا كان بغير امره لم يقع له ولا للوكيل لان المقصود من النكاح أعيان الزوجين بخلاف البيع ولهذا يجوز ان يشتري من غير تسمية المشترى فافترقا وإذا عين الموكل للوكيل الزوجة صح اجماعا ولو وكله في أن يزوجه بمن شاء فالأقرب الجواز فهو بعض الشافعية وقال بعضهم لا يجوز لان الأغراض تختلف فلا يجوز حتى يصف واختار الزهري هذا الوجه والمعتمد الأول فعلى هذا هل له ان يزوجه ابنته الأقرب الجواز وبه قال أبو يوسف ومحمد وقال بعض العامة لا يجوز له ذلك ولو أذنت المراة له في تزويجها لم يكن له ان يزوجها من نفسه لان القرينة اقتضت التزويج بالغير وقد روى الحلبي عن الصادق (ع) قال في المراة ولت امرها رجلا فقالت زوجني فلانا فقال لا زوجتك حتى تشهدي ان امرك بيدي فأشهدت له فقال عند التزويج للذي يخطبها يا فلان عليك كذا وكذا فقال نعم فقال هو للقوم اشهدوا ان ذلك لها عندي وقد زوجتها من نفسي فقالت المراة ما كنت أتزوجك ولا كرامة وما أمري الا بيدي وما وليتك أمر الا حياء قال تنزع منه ويوجع رأسه ويحتمل مع اطلاق الاذن صحة ان يزوجها من نفسه وكذا له ان يزوجها من ولده ووالده ولبعض العامة وجهان مسألة إذا وكله في شراء عبد فاشتراه ثم اختلف الوكيل والموكل فقال الوكيل اشتريته بألف وقال الموكل بخمسمائة فالقول فيه كما قلنا فيما إذا اختلف الوكيل والموكل في تصرفه لان ذلك اثبات لحق البايع على الموكل وقال أبو حنيفة إن كان الشراء في الذمة
(١٤٠)