الجارية البلوغ بالحيض قبل إن كان ذلك في وقت الامكان والا فلا ولو فرض ذلك في خصومة لم يحلفا لأنه لا يعرف ذلك الا من جهتهما فأشبه ما إذا علق نذر العتق بمشية الغير فقال شئت تصديق بغير يمين ولأنهما ان صدقا فلا تحليف وان كذبا فكيف يحلفان واعتقاد المكذب انهما صغيران ولأنه لو حلفناه لا راد في تحليفه تغرير الصبي والصبي لا يحلف فاذن لو حلف لما حلف ولو بلغ مبلغا تيقن بلوغه فيه لم يحلف أيضا على أنه كان بالغا حينئذ لأنا إذا حكمنا بموجب قوله فقد أنهينا الخصومة نهايتها فلا عود إلى التحليف ولو جاء واحد من الغزاة يطلب سمم المقاتلة وذكر انه احتلم دفع إليه سهمه لأنا لا نشترط البلوغ في استحقاق سهم الغنيمة وعند المشترطين يحلف ويأخذ السهم فإن لم يحلف فللشافعية وجهان قال بعضهم يعطى لأن الظاهر استحقاقه بحضور الوقعة وقال بعضهم لا يعطى لعدم العلم بالبلوغ وقوله متهم ولو ادعى البلوغ بالسن طولب بالبينة لامكانها ولو كان غريبا أو خامل الذكر التحق بدعوى الاحتلام وقال بعض الشافعية يطالب بالبينة لامكانه في جنس المدعي أو ينظر إلى الانبات لتعذر كعرفة التاريخ كما في صبيان الكفار والأظهر عند الشافعية الثاني لأنه إذا أمكن إقامة البينة كلف اقامتها ولم ينظر إلى حال المدعي وعجزه والوجه ان دعوى الصبي البلوغ بالاحتلام ليس اقرارا لان المفهوم من الاقرار الاخبار عن ثبوت حق عليه للغير ونفس البلوغ ليس كذلك ولهذا يطالب مدعي البلوغ بالسن بالبينة واختلفوا في تحليف مدعى البلوغ بالاحتلام والمقر لا يكلف البينة ولا اليمين نعم لو قال انا بالغ فقد اعترف بثبوت الحقوق المنوطة بالبلوغ فحق هذا الوجه ان يكون متضمنا للاقرار لا انه نفسه اقرار وبتقدير كونه اقرارا فليس ذلك باقرار لأنه إذا قال انا بالغ يحكم ببلوغه سابقا على قوله فلا يكون اقراره اقرار الصبي مسألة يشترط في المقر العقل فلا يقبل اقرار المجنون لأنه مسلوب القول في الانشاء والاقرار بغير استثناء ولا فرق بين ان يكون الجنون مطبقا أو يأخذه أدوارا الا ان الذي يأخذه أدوارا إن أقر في حال افاقته صح لأنه حينئذ عاقل ولابد من كمالية العقل في الاقرار فالسكران الذي لا يحصل أو لا يكون كامل العقل حالة سكره لا يقبل اقراره عند علمائنا أجمع وكذا بيعه وجميع تصرفاته لعدم الوثوق بما يقول وعدم العلم بصحته ولا ينتفي عنه التهمة فيما يخبر به فلم يوجد معنى الاقرار الموجب لقبول قوله وللشافعي فيه اضطراب قال بعض أصحابه يصح اقرار السكران ولا يصح بيعه وقال بعضهم بيع السكران يحتمل وجهين الجواز وعدمه وقال بعضهم بالجواز لان أفعاله تجري مجرى أفعال الصاحي قال الشافعي لو شرب رجل خمرا أو نبيذا فسكر فاقر في حال سكره لزمه ما أقر به وروى المزني في ظهار السكران ما إذا صح كان بمنزلة المجنون في اقراره ومن أكره فاوجر خمرا حتى ذهب عقله ثم أقر لم ينفذ اقراره وعند الشافعي أيضا لأنه معذور ولا فرق عندنا بين ان يسكر قاصدا أو غيره خلافا للشافعي مسألة لابد من القصد في الاقرار فلا عبرة باقرار الغافل والساهي والنائم لقوله صلى الله عليه وآله رفع القلم عن ثلاثة عن الصبي حتى يبلغ وعن المجنون حتى يفيق وعن النائم حتى ينتبه وكذلك المغمي عليه لا ينفذ اقراره لزوال رشده وتحصيله وكذا المبرسم ولا نعلم فيه خلافا لدخول المبرسم والمغمى عليه في معنى المجنون والنايم ولأنه قول من غلب العقل فلا يثبت له حكم كالبيع والطلاق مسألة يشترط في المقر الاختيار فلا يقع اقرار المكره على الاقرار عند علمائنا أجمع وبه قال الشافعي واحمد لقول النبي صلى الله عليه وآله رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ولأنه قول أكره عليه بغير حق فلم يصح كالبيع ولو أقر بغير ما أكره عليه مثل ان يكره على الاقرار لرجل فيقر لغيره أو يكره على أنه يقر بنوع من المال فيقر بغيره أو يكره الاقرار بطلاق امرأة فيقر بطلاق أخرى أو يكره على الاقرار بعتق عبد فيقر بعتق غيره صح لأنه أقر بما لم يكره عليه فصح كما لو أقر به ابتداء ولو أكره على الاقرار بمائة فاقر بمائتين فالأقرب نفوذه ولو أكره على الاقرار بمائة فاقر بخمسين لم ينفذ ولو أكره على أداء مال فباع شيئا من ماله ليؤدي ذلك صح بيعه لأنه لم يكره على البيع ولو ادعى المقر الاكراه على الاقرار لم يقبل قوله الا بالبينة سواء أقر عند سلطان أو عند غيره لأصالة عدم الاكراه الا ان يكون هناك دلالة على الاكراه كالقيد والحبس والتوكيل به فيكون القول قوله مع يمينه لدلالة هذه الحال على الاكراه على اشكال ولو ادعى انه كان زائل العقل حالة اقراره لم يقبل قوله الا بالبينة لأصالة السلامة حتى يعلم غيرها ولو لم يعلم له حالة جنون البتة لم يلتفت إليه ولو علم فالقول قوله مع اليمين ولو شهد الشهود باقراره لم يفتقر صحة الشهادة إلى أن يقولوا أقر طوعا في صحة عقله وبدنه لأن الظاهر سلامة الحال وصحة الشهادة مسألة لا يقبل اقرار المحجور عليه للسفه بالمال ويصح في الحد والقصاص لانتفاء التهمة فيه وإذا فك الحجر عنه لم يقبل يلزمه المال الذي أقر به في الحجر لأن عدم قبول اقراره صيانة لماله لموضع التهمة فيه فلو ألزمناه بعد فك الحجر عنه بطل معنى الحجر ولو أقر بالسرقة لزمه القطع دون المال وللشافعي في المال قولان اللزوم لئلا يتبعض اقراره والعدم لعدم قبول قوله في المال والتبعيض غير ضائر كما لو شهد رجل وامرأتان ثبت المال دون القطع واما في الباطن فإن كان الذي أقر به حقا تعلق به حالا الحجر برضى صاحبه كالقرض لم يلزمه أيضا لان الحجر منع من معاملته فصار كالصبي وان لزمه بغير اختيار صاحبه كالاتلاف لزمه أداء ذلك المال في الباطن ولهذا لو قامت البينة عليه حال الحجر لزمه ويقبل اقرار المحجور بالفلس في النكاح دون السفيه المحجور اعتبارا للاقرار بالانشاء وقال الجويني اقرار السفيهة بأنها منكوحة فلان كاقرار الرشيدة إذ لا اثر للسفه في النكاح من جانب المراة قال وفيه احتمال من جهة ضعف قولها وخبل عقلها لأنها غير تام الرشد ولا كامل العقل فأشبه المجنون أما المحجور عليه للفلس فالأقرب نفوذ اقراره في حقه خاصة وقد سبق البحث فيه ويقبل اقرار المفلس قبل الحجر عليه سواء أقر بعين أو دين مسألة يشترط في صحة الاقرار الحرية فلا يقبل اقرار العبد بالعقوبة ولا بالمال عند علمائنا أجمع سواء كانت العقوبة توجب القتل أو لا ووافقنا احمد والمزني على أنه لا يقبل اقراره بعقوبة توجب القتل دون غيرها من العقوبات لأنه لا يملك نفسه ولا التصرف وهو مال غيره فاقراره على نفسه اقرار على مولاه وهو غيره واقرار الشخص على غيره غير مسموع وقال الشافعي يقبل اقراره فيما يوجب الحد والقصاص في النفس والطرف لان عليا (ع) قطع عبدا باقراره ولأنه لو قامت البينة قبل فالاقرار أولي ونمنع استناد القطع إلى الاقرار فجاز ان يكون اقترن بتصديق المولى والفرق بين الاقرار والبينة ظاهر ولو صدقه المولى على العقوبة به نفذ الحكم فيه كالبينة ولو أقر المولى عليه ولم يقر هو لم يسمع لأنه غيره واقرار الشخص على غيره غير مسموع ولان المولى لا يملك من العبد الا المال وقال بعض العامة يصح اقرار المولى عليه بما يوجب القصاص ويجب المال دون القصاص لان المال تعلق برقبته وهي مال السيد فصح اقراره به كجناية الخطاء ولو أقر بما يوجب القتل لم يقبل عندنا وقال احمد لا يقبل أيضا ويتبع به بعد العتق وبه قال زفر والمزني وداود بن جرير الطبري لأنه يسقط حق سيده باقراره ولأنه متهم في أن يقر لرجل ليعفو عنه ويستحق اخذه فيتخلص بذلك من سيده وقال أبو حنيفة ومالك والشافعي يصح اقراره بما يوجب القتل أيضا لأنه أحد نوعي القصاص فصح اقراره به كما دون النفس وينبغي على هذا القول إن لا يصح عفو ولي الجناية على مال الا باختيار سيده لئلا يلزم ايجاب المال على سيده باقرار غيره وهذا كله عندنا باطل ولا شئ مما يوجب القصاص في النفس أو الطرف أو الحد أو المال بثابت على العبد باقراره على نفسه ولا باقرار مولاه عليه ولا يقبل اقرار العبد بجناية الخطاء ولا شبيه العمد ولا بجناية عمد موجبها المال كالجايفة والهاشمة والمأمومة لأنه ايجاب حق في رقبته وذلك يتعلق بالمولى ويقبل اقرار المولى عليه لأنه ايجاب حق في ماله ولو أقر بسرقة توجب المال لم يقبل اقراره ويقبل اقرار
(١٤٦)