سبب عقلائي، واللفظ والتعاطي سببان عقلائيان بلا شبهة، وأما سائر المبرزات فليست من الأسباب العقلائية لإيجاد الطبيعة، وإن كانت بواسطة القرائن مفهمة للمقصود.
فهل ترى: أن المتعاملين لو تقاولا على «أن إيجابي هو العطسة - مثلا - وقبولك وضع الكف على الكف» صدق على ما فعلا «البيع» ونحوه؟!
والإشارة بالحاجب، والسبلة لا تقصر عن ذلك، فهي وأمثالها ليست أسبابا عقلائية، ولا تتحقق الماهية بها عند العقلاء.
فحينئذ لو قلنا بأن إشارة الأخرس سبب عقلائي في عرض سائر الأسباب، لا تكون قائمة مقام اللفظ، بل هي سبب كاللفظ.
لكن يمكن المناقشة فيه: بأن الإشارة إذا لم تكن سببا عقلائيا، فلا بد من الالتزام بأن العجز شرط في السبب، فيكون المؤثر الإشارة الصادرة من الأخرس; بحيث يكون السبب مركبا من الإشارة، وقيد الخرس، وهو كما ترى.
فلا بد وأن يقال: إن إشارته قائمة مقام السبب، فلا بد في الصحة والنفوذ من دليل خاص، غير الأدلة العامة.
ولو سلم، يمكن المناقشة في إطلاق أدلة التنفيذ وعمومها لمثل هذا الفرد النادر الوقوع جدا، بدعوى انصرافها عن مثله، وصرف ندرة الوجود وإن لم توجب الانصراف، لكن تعارف القسمين المتقدمين، وعدم تعارف غيرهما، وندرة وجوده بحيث يلحق بالعدم، ربما يوجب صرف الأذهان عنه، وانصراف الأدلة، وفي مثله لا بد في نفوذه من دليل; لعدم تعارفه حتى يقال: إنه أمر متعارف، ولم يردع عنه الشارع، فهو ممضى، ولولا دليل خاص، لم يسعنا الحكم بصحته ولزومه.
إلا أن ينكر عدم التعارف; ويقال: إنه متعارف في بعض الظروف