وأما في الثاني: فلان التقييد وإن كان خلاف الأصل، إلا أن العمل الذي يوجب عدم جريان مقدمات الحكمة، وانتفاء بعض مقدماته، لا يكون على خلاف الأصل أصلا، إذ معه لا يكون هناك إطلاق، كي يكون بطلان العمل به على الحقيقة مثل التقييد الذي يكون على خلاف الأصل.
وبالجملة لا معنى لكون التقييد خلاف الأصل، إلا كونه خلاف الظهور المنعقد للمطلق ببركة مقدمات الحكمة، ومع انتفاء المقدمات لا يكاد ينعقد له هناك ظهور، كان ذاك العمل المشارك مع التقييد في الأثر، وبطلان العمل بإطلاق المطلق، مشاركا معه في خلاف الأصل أيضا.
وكأنه توهم: أن إطلاق المطلق كعموم ثابت، ورفع اليد عن العمل به، تارة لاجل التقييد، وأخرى بالعمل المبطل للعمل به، وهو فاسد، لأنه لا يكون إطلاق إلا فيما جرت هناك المقدمات.
نعم إذا كان التقييد بمنفصل، ودار الامر بين الرجوع إلى المادة أو الهيئة كان لهذا التوهم مجال، حيث انعقد للمطلق إطلاق، وقد استقر له ظهور ولو بقرينة الحكمة، فتأمل.
____________________
الأصحاب في الفروع الفقهية، مثل مسألة المرتد الفطري المأمور بالعبادات المشروطة بالاسلام مع عدم قدرته عليه بناء على عدم قبول توبته، وغيرها من المسائل التي تناسب المقام فراجع وتأمل فيها تأمل التام.