هذا مع أنه لا يكاد يتعلق البعث إلا بأمر متأخر عن زمان البعث، ضرورة أن البعث إنما يكون لاحداث الداعي للمكلف إلى المكلف به، بأن يتصوره بما يترتب عليه من المثوبة، وعلى تركه من العقوبة، ولا يكاد يكون هذا إلا بعد البعث بزمان، فلا محالة يكون البعث نحو أمر متأخر عنه بالزمان، ولا يتفاوت طوله وقصره، فيما هو ملاك الاستحالة والامكان في نظر العقل الحاكم في هذا الباب، ولعمري ما ذكره واضح لا سترة عليه، والاطناب إنما هو لاجل رفع المغالطة الواقعة في أذهان بعض الطلاب.
وربما أشكل على المعلق أيضا بعدم القدرة على المكلف به في حال البعث، مع أنها من الشرائط العامة.
وفيه: إن الشرط إنما هو القدرة على واجب في زمانه، لا في زمان الايجاب والتكليف، غاية الامر يكون من باب الشرط المتأخر، وقد عرفت بما لا مزيد عليه أنه كالمقارن، من غير انخرام للقاعدة العقلية أصلا، فراجع.
ثم لا وجه لتخصيص المعلق بما يتوقف حصوله على أمر غير مقدور، بل ينبغي تعميمه إلى أمر مقدور متأخر، أخذ على نحو يكون موردا للتكليف، ويترشح عليه الوجوب من الواجب، أو لا، لعدم تفاوت فيما يهمه من وجوب تحصيل المقدمات التي لا يكاد يقدر عليها في زمان الواجب المعلق، دون
____________________
الشرط المتأخر، فقد ذهب الشيخ إلى أنه ليس للمعلق معنى آخر معقول غير ما اخترناه في المشروط، وذلك لان الوجوب في جميعها مطلق يجب ترتيب آثار الواجب المطلق عليها، مثل لزوم الاتيان بالمقدمات الوجودية قبل مجئ زمان الواجب فيما إذا علم المكلف بعدم القدرة على إتيان المقدمات الكذائية بعد دخول الوقت، وذلك لما ذكرنا من ترشح الوجوب منه إليها على القول بالملازمة.