إذا عرفت ذلك، فقد عرفت أنه لا إشكال أصلا في لزوم الاتيان بالمقدمة قبل زمان الواجب، إذا لم يقدر عليه بعد زمانه، فيما كان وجوبه حاليا مطلقا، ولو كان مشروطا بشرط متأخر، كان معلوم الوجود فيما بعد، كما لا يخفى، ضرورة فعلية وجوبه وتنجزه بالقدرة عليه بتمهيد مقدمته، فيترشح منه الوجوب عليها على الملازمة، ولا يلزم منه محدور وجوب المقدمة قبل وجوب ذيها، وإنما اللازم الاتيان بها قبل الاتيان به، بل لزوم الاتيان بها عقلا، ولو لم نقل بالملازمة، لا يحتاج إلى مزيد بيان ومؤونة برهان، كالاتيان بسائر المقدمات في زمان الواجب قبل إتيانه.
[فانقدح بذلك: أنه لا ينحصر التفصي عن هذه العويصة بالتعلق بالتعليق، أو بما يرجع إليه، من جعل الشرط من قيود المادة في المشروط.
فانقدح بذلك: أنه لا إشكال في الموارد التي يجب في الشريعة الاتيان بالمقدمة قبل زمان الواجب، كالغسل في الليل في شهر رمضان وغيره مما وجب عليه الصوم في الغد، إذ يكشف به بطريق الآن عن سبق وجوب الواجب، وإنما المتأخر وزمان إتيانه، ولا محذور فيه أصلا، ولو فرض العلم بعدم سبقه، لاستحال اتصاف مقدمته بالوجوب الغيري، فلو نهض دليل على
____________________
فيما إذا علم بان تركها يفضي إلى ترك ذيها، وإن لم نقل بالوجوب الحالي وقلنا باشتراطه بمجئ زمان الواجب ولم يكن قبله وجوب أصلا ولا طلب ابدا، وذلك لأنه وإن لم تكن المقدمة واجبة بتبع وجوب ذيها، لكنه لما كان ترك المقدمة موجبا لسلب القدرة على الواجب في زمانه، ومع عدم القدرة عليه لا يمكن توجه التكليف، وعليه يكون المكلف مفوتا للتكليف على نفسه ومانعا عن توجهه إليه،