نعم ربما يكون هو السبب لانشائه، كما يكون غيره أحيانا.
واتصاف الفعل بالمطلوبية الواقعية والإرادة الحقيقة - الداعية إلى إيقاع طلبه، وإنشاء إرادته بعثا نحو مطلوبه الحقيقي وتحريكا إلى مرادة الواقعي - لا ينافي اتصافه بالطلب الانشائي أيضا، والوجود الانشائي لكل شئ ليس إلا قصد حصول مفهومه بلفظه، كان هناك طلب حقيقي أو لم يكن، بل كان إنشاؤه بسبب آخر.
ولعل منشأ الخلط والاشتباه تعارف التعبير عن مفاد الصيغة بالطلب المطلق، فتوهم منه أن مفاد الصيغة يكون طلبا حقيقيا، يصدق عليه الطلب بالحمل الشائع، ولعمري إنه من قبيل اشتباه المفهوم بالمصداق، فالطلب الحقيقي إذا لم يكن قابلا للتقييد لا يقتضي أن لا يكون مفاد الهيئة قابلا له، وإن تعارف تسميته بالطلب أيضا، وعدم تقييده بالانشائي لوضوح إرادة خصوصه، وإن الطلب الحقيقي لا يكاد ينشأ بها، كما لا يخفى.
فانقدح بذلك صحة تقييد مفاد الصيغة بالشرط، كما مر هاهنا بعض
____________________
متعلقه أو يكون باعتبار كونه مقدمة وشرطا للغير بعد العلم بوجوب ذلك الغير فعلا، كما ربما يكون المورد مقتضيا للبرائة، وذلك فيما إذا علم بكون الشئ الكذائي مقدمة للغير، وكان وجوب ذلك الغير مقطوع العدم أو مشكوكا، فإنه حينئذ يصير الشئ الكذائي مشكوك الوجوب بالشك البدوي ومقتضى الأصل في مثله هو البراءة، والحكم بعدم وجوب ذاك الشئ، فإنه إن كان واجبا انما يكون بالوجوب النفسي، والمفروض كونه مشكوكا بالشك البدوي.