فقوله " إنه مع تعذر استيفاء القصاص يجب الدية، كما لو هرب القاتل عمدا أو مات "، مسلم بالنسبة إلى الموت خاصة، دون الهرب، فإنه لا دليل على أخذ الدية في الصورة المذكورة، وبه يظهر ما في تفريعه على ذلك بقوله " ثم إن استمر القاتل هاربا " إلى آخره.
وقالوا أيضا لو كان تخليص الغريم من يد كفيله وتعذر استيفاء الحق من قصاص أو مال وأخذ المال أو الدية من الكفيل كان له الرجوع على الذي خلصه لعين ما ذكر في تخليصه من يد المستحق.
وفيه أيضا ما عرفت من أن الواجب بمقتضى النصوص في هذه الصورة إنما هو حبس المخلص حتى يحضر الغريم الذي خلصه ويدفعه إلى الكفيل، ثم إن الكفيل يدفعه إلى المكفول له، وليس على الكفيل أن يغرم المال كما ادعوه، حتى أنه يرجع به بعد ذلك على الذي خلصه.
نعم قد ورد ذلك كما عرفت في صورة موت الغريم، ويحتمل قريبا اجرائه في كل موضع تعذر فيه تحصيل الحق من الغريم، لا مطلقا كما ادعوه، وقد تقدم في الموضع الثالث أن الواجب على الكفيل بمقتضى الأخبار المذكورة ثمة إنما هو الاحضار خاصة دون أداء ما على الغريم.
وبالجملة فإن كلامهم في هذا المقام كله مبني على وجوب الأداء على الكفيل في الكفالة، والمخلص في صورة هذا الموضع، وقد عرفت ما فيه، وأنه مع عدم الدليل عليه مدفوع بالأخبار الواردة ثمة وهنا أيضا. والله العالم.
السادس - الظاهر أنه لا خلاف بينهم في وجوب كون المكفول معينا، فلو قال: كفلت أحد هذين لم يصح، وكذا لو قال: كفلت بزيد أو فلان، وكذا لو قال: كفلت بزيد فإن لم آت به فبعمرو، لاشتراك الجميع في الجهالة، وابهام المكفول فتبطل لأن الغرض من الكفالة هو وجوب احضار المكفول متى طلبه المكفول له وإذا لم يعلم المكفول بعينه لم يستحق المطالبة باحضاره.
وفي الصورة الثالثة ما يوجب البطلان - زيادة على الجهالة - من تعليق كفالة عمرو على شرط، وهو عدم الاتيان بزيد فتبطل من هذا الوجه أيضا، وكفالة زيد