ذكروا أنه إن سلمه بعد ذلك فلا كلام، وإن أبى وبذل ما عليه فقد صرح الشيخ:
وجمع منهم المحقق في الشرايع وغيره كما قدمنا الإشارة إليه ببرائة ذمته من الكفالة لحصول الغرض من الكفالة.
ورد بأنه على تقدير تمامه إنما يصح فيما يمكن أخذه من الكفيل كالمال، ولو لم يكن كذلك كالقصاص وزوجية امرأة والدعوى بعقوبة توجب حدا، فلا بد من احضاره.
وذهب جمع من الأصحاب منهم العلامة في التذكرة إلى أنه لا يتعين على المكفول له قبول الحق، بل له إلزامه بالاحضار مطلقا، وهذا هو ظاهر الأخبار التي قدمناها، كما أشرنا إليه ذيلها، وأصحاب هذا القول عللوا ما ذكروه بعدم انحصار الأغراض في أداء الحق، وقد يكون له غرض لا يتعلق بالأداء، أو بالأداء من الغريم لا من غيره، وخصوصا فيما له بدل، فإنه بدل اضطراري، لا عين الحق الذي يتعلق الغرض غالبا بحصوله.
وأنت خبير بما في هذا التعليل العليل من تطرق المناقشة، فإن البناء على هذه الأغراض إنما يصح فيما لو كانت حقوقا شرعية لا مجرد التشهي، والكفالة إنما وقعت وترتبت على حق شرعي.
والأظهر في التعليل إنما هو الوقوف على ظاهر الأخبار المتقدمة، حيث أن ظاهرها انحصار الحق في احضار المكفول، وأنه لا تبرئ الذمة إلا باحضاره، وقبول ما بذله عنه من المال المطلوب عنه على تقدير كون متعلق الكفالة المال إنما هي معاملة أخرى بمنزلة الصلح، يتوقف على رضى الطرفين.
إذا عرفت ذلك فاعلم أنه لو تراضيا على قبول المال كما ذكرنا فبذله الكفيل وقبله المكفول له ورضي به عن حقه الذي تعلقت به الكفالة، فهل يرجع بما دفعه على المكفول عنه؟ قالوا: إن كان قد كفل بإذن الغريم، أو أدى بإذنه وإن كان كفل بغير إذنه فله الرجوع عليه، وإن انتفى الأمران، فإن أمكنه احضاره فلم يحضره لم يرجع عليه، وكذا إن كفل بغير إذنه، وأدى بغير إذنه مع تمكنه من مراجعته، لأن الكفالة لم تتناول المال اختيارا فيكون كالمتبرع، وإن تعذر عليه احضاره رجع