فيه الآخر، ووجه قيد التي لا تكون عينا ظاهر، فإنه قد نقل الاجماع في التذكرة وغيرها على عدم صحة الإعارة عندنا إذا كانت المنفعة المنتقلة مثل لبن شاة، وثمر بستان ونحوهما، ولهذا ترك القيد فلا يرد عليه أنه يجوز إعارة الشاة ونحوها، ولا يجوز إجارتها، ولا يحتاج إلى الجواب بأن المراد غالبا كما قاله المحقق الثاني فتأمل، انتهى.
أقول: لا أعرف لما ذكره في هذا المقام من الكلام وجها واضحا لما تقدم في العارية من الاتفاق على إعارة الشاة للبن وهي المنحة، وإن كان الدليل عليها لا يخلو من القصور، وما نقله عن التذكرة وغيرها من الاجماع على عدم صحة الإعارة عندنا إذا كانت المنفعة المنتقلة عينا مثل لبن شاة أو ثمرة بستان - لم أقف عليه في التذكرة وإنما الذي فيها ما قدمنا نقله في كتاب العارية حيث قال يجوز إعارة الغنم للانتفاع بلبنها وصوفها، وهي المنحة لاقتضاء الحكمة إباحته، لأن الحاجة تدعو إلى ذلك والضرورة تبيح مثل هذه الأعيان إلى آخر ما قدمنا نقله عنه ثمة، وحينئذ فإذا ثبت صحة عارية الغنم خاصة كما هو أحد القولين أو مع غيرها مما ألحق بها كما هو القول الآخر للبن خاصة أو غيره من المنافع أيضا على الخلاف، فكيف لا يجب التقييد في الكلية المتقدمة بأحد القيدين المتقدمين.
وبالجملة فإنه لا يظهر لي وجه لصحة كلامه هنا، ولعله أراد وجها لم يهتد إليه فهمي القاصر، وإلا فإنه على ظاهره في غاية الغرابة من مثله والله سبحانه العالم.
الخامس: الظاهر أنه لا خلاف في أن العين المستأجرة كالدابة ونحوها أمانة في يد المستأجر في ضمن المدة المستأجرة لا يضمنها إلا بالتفريط أو التعدي، والوجه فيه أنها مقبوضة بإذن المالك، فلا يتعقبها ضمان الأعلى أحد الوجهين المذكورين.
وإنما الخلاف فيما بعد المدة إذا لم يطالب المالك بردها أو طالب ولكن وقع التلف في أثناء الرد بحيث لم يؤخر الدفع بعد الطلب، والمشهور بين المتأخرين العدم، لأنه لا يجب على المستأجر رد العين على المؤجر، ولا مؤنة ذلك،