والقراض ونحوها مما حكم بكون المال فيه أمانة، مع أن صريح كلام الأصحاب في هذه الأبواب كما صرحوا به في غير كتاب - هو أنه لا يقبل قول أحد من هؤلاء إلا مع اليمين، ولم أقف في الأخبار الواردة في هذه الأبواب على ما يدل على ما ادعوه، بل ظاهرها إنما هو قبول قولهم بغبر يمين.
وقد تقدم في كتاب الوديعة جملة من الأخبار الدالة على ما قلناه، ومثلها الأخبار الواردة هنا في العارية، فإن ظاهرها أنه متى كان المستودع أو المستعير مأمونا فلا ضمان عليه، بمعنى أنه يقبل قوله بمجرد دعواه التلف، أو الانكار، فإن قوله (عليه السلام) في صحيحة محمد بن مسلم المتقدمة: " إذا كان أمينا فلا غرم عليه "، ظاهر فيما ذكرناه.
لا يقال أن العارية إنما تضمن باشتراط لضمان، وبدونه لا ضمان، فلا غرم فيها لأنا نقول: نعم إذا علم المالك بالتلف ووافق عليه فلا ضمان هنا إلا مع الشرط وأما مع عدم ذلك بل ادعائه بقاء العين أو التفريط فيها فالذي صرحوا به أنه لا يقبل قوله إلا باليمين، وهذا محل البحث في المسألة، فإن ظاهر هذا الخبر كما ترى أنه متى كان المستعير أمينا فلا عزم عليه وهو ظاهر في قبول قوله من غير يمين.
قال شيخنا المجلسي (قدس سره) في حواشيه على هذا الخبر: يمكن أن يكون المراد بالأمين من لم يفرط في حفظها أو المعنى أنه لما كان أمينا فلا غرم عليه، وبالجملة لولا الاجماع لكان القول بالتفصيل قويا، انتهى.
أقول: لا يخفى أن ارتكاب التأويل في الخبر فرع المعارض، وليس إلا الاجماع الذي أشار إليه، وهو لا تصلح للمعارضة لما ذكره هو وغيره من المحققين في هذه الاجماعات، مع أنك قد عرفت خلاف الصدوق (رحمه الله) في المسألة، مع جماعة من مشايخه الذين نقل عنهم ذلك.
ومثله الشيخ في النهاية كما قدمنا نقله عنه في كتاب الوديعة وغيرهم ممن