وأما مع كونه أمينا فلقضاء العادة بالاستنابة في ذلك، ولولا ذلك لما جاز لما يتضمنه من ايداع الودعي، وهو غير جائز عندهم مع الامكان كما سيأتي ذكره انشاء الله تعالى، وربما قيل: بأن ذلك فيمن يمكن مباشرته لهذا الأمر ونحوه، أما من لا يكون كذلك فإنه يجوز له الاستنابة كيف كان.
ورده في المسالك بالضعف، ولا يخلو من اشكال، فإن الظاهر أن الودعي مع علمه بأن المستودع يترفع عن هذا الأمر، ولا يباشره بنفسه، وإنما يباشره خدمه مثلا ومع ذلك أودعه، فإنه إنما أو دعه لقبوله لذلك، ورضاه بما هو عادة الرجل المذكور وطريقته الجارية في أمواله ودوابه.
والظاهر أن المراد بالأمين هنا هو من تسكن النفس إلى فعله، وأنه لا يخالف ما يؤمر به، لا العدل، وإلا أشكل غاية الاشكال وصار الأمر عضالا بذلك وأي عضال.
الثاني - قد صرح جملة منهم المحقق والعلامة: بأنه لا يجوز اخراج الدابة من المنزل إلا مع الضرورة، كعدم إمكان السقي أو العلف في المنزل، ولا ضمان عليه، والوجه في الأول أن النقل تصرف فيها، وهو غير جائز مع إمكان تركه، والثاني في أن الحفظ يتوقف على ذلك، فإنه من ضروريات الحيوان، ولا فرق في المنع من اخراجها لذلك بين كون الطريق أمنا أو مخوفا، لما عرفت من أن النقل تصرف وهو غير جائز مع إمكان تركه، ولا بين كون العادة مطردة بالاخراج وعدمه لما ذكر، ولا بين كون المتولي لذلك المستودع بنفسه أو غلامه، مع صحبته له وعدمها، لا تحاد العلة في الجميع.
وقرب في التذكرة عدم الضمان لو أخرجها مع أمن الطريق، وإن أمكن سقيها في موضعها، مستندا إلى اطراد العادة بذلك، قال في الكتاب المذكور:
إذا احتاج المستودع إلى اخراج الدابة لعلفها أو سقيها جاز له ذلك، لأن الحفظ يتوقف عليه ولا ضمان، ولا فرق بين أن يكون الطريق أمنا أو مخوفا إذا خاف