صغارا، وربما قيل: بالاكتفاء بواحد، وإليه يشير كلام العلامة في جملة من كتبه، حيث جعل الواجب هو الايصاء بها، وهو متحقق بدون الاشهاد كذا ذكره في المسالك.
والتحقيق أن القول بالايصاء غير القول بالاشهاد، كما قدمنا ذكره، وكيف كان فلو أخل بالاشهاد والوصية ضمن، وكذا لو أخل بالرد على الوجه المتقدم، ولكن لا يستقر الضمان إلا بالموت، ولو فرض موته فجأة فلا ضمان، وإن لزم التلف إذ لا يعد مقصرا والحال هذه، وإلا لوجب الاشهاد على كل ودعي، لامكان ذلك في حقه، ولا قائل به، ولا دليل على ما قالوا.
ويعتبر في الوصي على القول بوجوب الوصية العدالة، والظاهر أن المراد به الأمين الثقة الذي تسكن النفس إلى ايصاله لها إلى المالك، ولا فرق بين الأجنبي والوارث في التعيين للوصاية، والمراد بالوصية إليه بذلك أن يعلمه بها ويأمره بردها بعد الموت، لا أن يسلمها إليه، لأنه ايداع لا يصح ابتداء كما سيأتي ذكره انشاء الله.
قال في التذكرة: توهم بعض الناس أن المراد من الوصية بها تسليمها إلى الوصي ليدفعها إلى المالك، وهو الايداع بعينه، وليس كذلك، بل المراد الأمر بالرد من غير أن يخرجها من يده، فإنه والحال هذه مخير بين أن يودع للحاجة، وبين أن يقتصر على الاعلام الأمر بالرد لأن وقت الموت غير معلوم، ويده مستمرة على الوديعة ما دام حيا، انتهى.
ولو لم يوص ولم يشهد وأنكر الورثة فالقول قولهم، كما لو أنكرها المورث، لأن الأصل عدمها، وكذا كل من يدعى عليه، ولا يمين على الورثة، إلا أن يدعى عليهم العلم بالوديعة، لأن دعوى العين إنما يتعلق بالمورث، كما لو ادعى عليه بدين، إلا أنه إذا ادعى عليهم العلم بذلك لزمهم الحلف على نفي العلم لا على البت، لأن ذلك ضابط الحلف على نفي فعل الغير.