وابن الجنيد عكس الحكم الذي ذكره الشيخ فجوز ما منعه الشيخ، ومنع ما جوزه، حيث قال: ولا اختار ايقاع المساقاة صفقة واحدة على قطع متفرقة، بعضها أشق عملا من بعض، إلا أن يعقد ذلك على واحدة، ويشترط في العقد على العقد الأخرى.
قال في المختلف بعد نقل كلامي الشيخ وابن الجنيد: والوجه عندي جواز جميع هذه العقود في البيع والمساقاة، وقد مضى البيع وبينا صحته، والشيخ أيضا جوزه في موضع من المبسوط، وهو الحق ولا جهالة هنا.
وقال في المسالك بعد ذكر ملخص كلام الشيخ وكلام ابن الجنيد: والأقوى صحة الجميع، ونمنع الجهالة التي ادعاها الشيخ، لعموم الأمر بالوفاء بالعقود، وما يتضمنه من الشرط كالجزء منه، ووجوب الوفاء بالشرط، ولو فرض عدم الوفاء لا يقتضي ذلك رد الناقص من الثمن كما ادعاه، بل يسلط المشروط له على الفسخ، كما في الاخلال بغيره من الشروط.
وأما ابن الجنيد (رحمه الله) فلم يذكر على ما ادعاه دليلا، ومقتضى الأصل جواز الأمرين، معا، انتهى وهو جيد.
وبالجملة فإن مقتضى الأصول والقواعد الشرعية صحة العقد المذكور، مع ما شرط فيه كغيره من العقود المشروطة بشروط سايغة فيصح العقد ويجب الوفاء بالشرط بمعنى أنه يلزم ذلك لوقوعه في عقد لازم، فلو لم يف بالشرط تسلط الآخر على الفسخ على أحد القولين، أو مع عدم إمكان جبره على القيام بالعقد وما اشتمل عليه من الشرط كما هو القول الأول فيأثم على هذا القول بالاخلال بذلك كما تقدم تحقيقه في كتاب البيع، وأولى منه بالجواز ما منعه ابن الجنيد والله العالم.
الرابعة - لو كانت الأصول لمالكين فساقيا واحدا إما بايقاع العقد منهما معا أو من أحدهما أصالة ووكالة، فلا يخلو إما أن يكون الحصة المشترطة للعامل منهما سواء كالنصف أو الثلث كان يقول أحدهما: ساقيتك على هذه الأصول أصالة ووكالة