الغصب فإنه يرجع على الغاصب بما أخذه من المالك، لأنه غره، فيرجع عليه، لغروره له، وفي الثانية يترتب على كون يد الغاصب يد أمانة أو يد ضمان؟ فيترتب على كل منهما مقتضاه كما سيأتي - انشاء الله - تحقيقه في كتاب الغصب.
الثامنة - الخراج في الأرض الخراجية، وهي المفتوحة عنوة على المالك لأنه بمنزلة الأجرة، بل هو أجرة الأرض مع خلوها عن الشجر، وقد يوضع على الشجر المغروس فيها بواسطة الأرض، لأن حق المسلمين إنما هو في الأرض لا في الشجر، حيث إنه مال المالك الذي غرسه، إلا أن يكون فيها وقت الفتح، فإنه للمسلمين أيضا، وبالجملة فإن الأرض والأشجار لما كانت ملكا للمالك فجميع ما عليها وما يحتاجان إليه يلحق بالمالك، ومنه الخراج، إلا أن يشترط على العامل، أو يشترط كونه بينهما معا، وحينئذ فلا بد من علمهما بقدره، ليصح اشتراطه في العقد اللازم، ولا يتجهل لجهل العوض، ولو زاد السلطان بعد ذلك فهو على المالك، ولا يدخل في الشرط كما تقدم نظيره في المزارعة.
التاسعة - قالوا: ليس للعامل أن يساقي غيره، أما إذا شرط في متن العقد العمل على العامل بنفسه فظاهر، لوجوب الوفاء بالشرط، وبطلان المشروط بالاخلال بالشرط، وأما مع الاطلاق بأن يكون العمل في الذمة فإنهم عللوا المنع بأن المساقاة إنما تصح على أصل مملوك للمساقي والعامل لا يملك الأصول وإنما يملك الحصة من الثمرة بعد ظهورها، كما تقدم في تعريفها، وظهر من أحكامها.
وتوضيحه أن في المساقاة تسليطا على أصول الغير، وعملها والناس يختلفون في ذلك اختلافا زايدا، فليس لمن رضي المالك بعمله وأمانته أن يولي من لم يرضه المالك لذلك، وهذا بخلاف المزارعة كما تقدم ذكره في المطلب الأول من أنها لما كانت من العقود اللازمة الموجبة لنقل المنفعة إلى العامل بالحصة المعينة كان للعامل نقلها إلى غيره، لعموم " الناس مسلطون على أموالهم " (1) ولا يتوقف ذلك