بأن يكون الأرض للعامل بخصوصه لا في مال المساقاة، كما هو المفروض أولا، وظاهر المحقق والعلامة وقوع الخلاف هنا من أصحابنا، لتردد المحقق في الشرايع في ذلك، وإن رجح الجواز، وكذا العلامة، إلا أن شيخنا الشهيد الثاني في المسالك نبه هنا على أن الخلاف في هذا المقام إنما هو من الشافعي، وظاهره أنه لا خلاف بين أصحابنا في الجواز، حيث قال: والمعروف أن المانع من ذلك الشافعي، لكن المصنف (رحمه الله) والعلامة ذكرا المسألة على وجه يشعر بالخلاف عندنا، وقد تكرر هذا منهما في مواضع كثيرة.
أقول: وفيه تأييد لما قدمناه من أن أصل هذه التفريعات كلها أو جلها إنما هي من العامة، حيث أنه ليس لقدماء أصحابنا أثر في ذلك، ثم إن الشيخ تبعهم في ذلك، واقتفى أثره من تأخر عنه، ووجه الجواز عند أصحابنا أنه وجه سائغ لا مانع من اشتراطه، ولأنه إذا جاز أن يعمل في المشترك بينه وبين مولاه كما في الفرض الأول، فلأن يجوز في المختص بطريق أولى.
ووجه المنع أنه شرط عملا في مقابلة عمله، فصار في قوة اشتراط جميع العمل على المالك، وأجابوا عنه بأن فساده ظاهر.
أقول: ويمكن أن يقال: بناء على تعليلاتهم في أمثال هذا المجال بأنه لا يصح ذلك لو فرض أن عمل الغلام أكثر أو مساو لعمل العامل في مال المساقاة لأنه يلزم كون الحصة التي يأخذها العامل بغير عوض، لأن عمل العامل قد وقع في مقابلة عمل الغلام في أرضه، فلم يبق له عمل يستحق به الحصة، ويصير عقد المساقاة بلا عوض من جانب العامل، فيلزم بطلانه، وربما أمكن الجواب بأنه لا مانع من جعل عمل الغلام وإن كثر في مقابلة بعض عمل العامل وإن قل، وتصير الحصة في مقابلة البعض الباقي، ويؤيده الأدلة العامة من وجوب الايفاء بالعقود والشروط.
وكيف كان فالركون في أمثال هذه الفروع إلى هذه التعليلات لا يخفى ما فيه كما أسلفنا التنبيه عليه في غير مقام مما تقدم، والله العالم.