وأما قول العلامة في المختلف في الجواب عن الرواية بعد استدلاله بها لابن الجنيد أن نفي البأس لا يستلزم اللزوم فليس بموجه، لأنه إن سلم كون هذا عقدا كما هو ظاهر الرواية، فلا بد له من الحكم بلزومه، ونفي البأس إنما أريد به ذلك: بمعنى أنه عقد صحيح، وإن منع كونه عقدا فلا معنى لنفي البأس عنه، حيث أنه لغو من القول، لا معنى له ولا ثمرة يترتب عليه.
ثم إنه لو لم يقع التحديد على الوجه المشهور ولا الوجه المنقول في المسالك عن ابن الجنيد فظاهر كلامه الاتفاق على بطلان العقد، إلا أن ظاهر عبارة ابن الجنيد المتقدم نقلها عن المختلف هو الصحة في الصورة المذكورة، والظاهر بعده، إلا أن يحمل كلامه على حكمه بجواز عقد المساقاة دون لزومه، كما تقدمت الإشارة إليه.
ولو اتفقا على المساقاة على أزيد من ذلك العام فإنه لا خلاف ولا اشكال في وجوب تعيين المدة بسنتين أو ثلاث أو أزيد أو أقل على حسب ما يتفقان عليه ووجهه ما تقدم في عبارته في المسالك، والله العالم.
المقام الرابع في العمل - إعلم أن الظاهر من كلامهم في هذا المقام أن بعض الأعمال مع الاطلاق يختص بالعامل وبعضها يختص بالمالك، وجعلوا لكل منهما قاعدة فالذي يختص بالعامل هو كل عمل يتكرر كل سنة مما يحصل به نفس الثمرة وجودتها وزيادتها، ومنها اصلاح الأرض بالحرث والحفر حيث يحتاج إليه وما يتوقف عليه من الآلات وتنقية الأجاجين، جمع الإجاجة بالكسر والتشديد والمراد بها هنا الحفر التي يقف فيها الماء في أصول الشجر التي تحتاج إلى السقي.
وكذا تنقية الأنهار، وإزالة الحشيش المضر وتهذيب جرائد النخل بقطع ما يحتاج إلى قطعه منه كالأجزاء النابتة من كرم العنب والأغصان اليابسة المضرة من الأشجار، بل ولو كانت رطبة مع حصول الضرر بها، كما في شجر الكرم مما يجري به العادة.