أولا وحصول الرضا ثانيا وقد عرفت أن ثبوت الغصب وعدمه دائر مدار الرضا وعدمه.
وأما قوله: إن مجرد العقد لا يقتضي ذلك، وإنما يحصل الإذن بأمر آخر فلا يخفى ما فيه، أما أولا فلأنه قد تقدم في صدر الكتاب تعريف المضاربة بأنها عقد شرعي لتجارة الانسان بمال غيره بحصة من الربح.
ومن الظاهر أن ثبوت شرعية هذا العقد على الوجه المذكور لا تجامع الغصب، بل لا يكون إلا مع الإذن والرضا، فكيف لا يكون مجرد العقد متعينا للرضا بالقبض، وأيضا فإنه قال في المسالك في شرح قول المصنف وهو جائز من الطرفين إذ لا خلاف في كون القراض من العقود الجائزة من الطرفين، ولأنه وكالة في الابتداء، ثم قد يصير شركة وهما جائزان إلى آخره، وحينئذ كيف يتم كون هذا العقد وكالة في الابتداء مع البقاء على الغصب كما يدعيه، بل اللازم من الحكم بكونه وكالة هو حصول الإذن والرضا بالقبض، وإلا فإنه لا يتم الحكم بكونه وكالة وهو ظاهر.
وأما ثانيا فإنا لم نقف في كلام أحد منهم على اشتراط الإذن زيادة على العقد المذكور كما لا يخفى على من تتبع كلامهم، بل ظاهر كلامهم أن مجرد العقد مستلزم للإذن في التصرف، وترتب سائر الأحكام.
وبالجملة فإن كلامه (رحمة الله عليه) هنا لا أعرف له وجها وجيها، وأما ثالثا فإنه لا يخفى أنه لما كان ثمرة هذا العقد، والغرض منه إنما هو التصرف في المال والعمل به، فكيف يتم وقوع هذا العقد من المالك مع عدم الرضا، والإذن ما هذه إلا سفسطة ظاهرة، وقد تقدم نظير هذه المسألة في كتاب الرهن أيضا، والعجب من العلامة أنه في هذه المسألة صرح بما نقلناه عنه من زوال الغصب بمجرد عقد المضاربة، وفي الرهن اشترط الإذن في القبض زائدا على عقد الرهن، كما قدمنا نقله عنه ثمة، والمسألتان من باب واحد كما لا يخفى.